وعطف «لا» على «لا» جائز مضمرا أو مظهرا كقول القائل :
٤٩ ـ وما هجرتك حتى قلت معلنة |
|
لا ناقة لي في هذا ولا جمل |
وقال الفراء : إنّ «غير» ههنا بمعنى «سوى» (١) وإنّ «لا» صلة في الكلام ، إذ لا يجوز عطف «لا» على «سوى».
قال الشيخ الإمام الزاهد رضي الله عنه : إنّما لا يجيزون عطف «لا» على «سوى» ؛ لأنّ الأصل كان «سوى» ثم شبّه «غير» به ، ثم شبّه «لا» بغير ، فقد تباعد للشبه بين «لا» وبين «سوى» فلا يجوز أن تقول : مررت برجل سوى زيد ولا خالد ، ولا أن تقول : مررت بزيد لا عمرو وسوى بكر ، فلا يجوز أن تعطف أحدهما على الأخرى ، فلهذا قيل : «لا» صلة ههنا في الكلام.
وإدخال «لا» في الكلام صلة وزيادة جائز ، خصوصا إذا كان في بدء الكلام أو في آخره ، فمنها قوله تعالى : (لا أُقْسِمُ بِيَوْمِ الْقِيامَةِ) (٢) ، معناه : أقسم.
__________________
٤٩ ـ البيت للراعي واسمه عبيد بن حصين ، وقيل : لجرير.
والشطر الثاني من الأمثال الشهيرة ، وأول من قاله الحارث بن عباد. راجع مجمع الأمثال ٢ / ٢٠ ، والبيت في تفسير القرطبي ٣ / ٢٦٧ ، ومعاني القرآن للأخفش ١ / ٢٤ ، وكتاب سيبويه ١ / ٣٥٤ ، وابن يعيش ٢ / ١١١ ، وديوان الراعي ص ١٩٨.
(١) الفرّاء لم يقل ذلك ، وإنما قال : وقد قال بعض من لا يعرف العربية إنّ معنى «غير» في الحمد معنى «سوى» وإنّ «لا» صلة في الكلام ، واحتج بقول الشاعر :
[في بئر لا حور سرى وما شعر]
وعنى به أبا عبيدة.
قال : وهذا غير جائز ، لأن المعنى وقع على ما لا يتبين فيه عمله فهو جحد محض ، وإنما يجوز أن تجعل «لا» صلة إذا اتصلت بجحد قبلها مثل قوله :
ما كان يرضى رسول الله دينهم |
|
والطيبان أبو بكر ولا عمر |
راجع معاني القرآن للفراء ١ / ٨.
(٢) سورة القيامة : آية ١.