الطائفة وعمدتها» والإِمام الأعظم عند الشيعة الإِمامية التي كانت منتشرة في طول البلاد الإسلامية وعرضها بدءاً بما وراء النهر وخراسان ومروراً ببلاد الدّيلم وطبرستان وبلاد فارس وبلاد الجبل وآذربايجان وانتهاءً بالعراق والشام والحجاز واليمن ومصر ، وهكذا صار الشيخ الطوسي مرجع الإِمامية على الإطلاق وبلا منازع ، وقد دان الجميع له بالفضل والعلم والقِدَم وسُمو الرُّتبة والمكانة ، فتقاطر عليه العلماء والطلاب لحضور مجلسه حتى عدّ تلاميذه أكثر من ثلاثمائة من مختلف المذاهب الإسلامية. ولا ريب أنّ شهرته العلمية المستفيضة وانعقاد الإجماع على أهميته بالإضافة إلى تحرر الفكر الإِمامي على عهده من التقية كانت وراء هذا الإقبال الّذي لا نظير له في مختلف الأوساط والمذاهب على حضور درسه والاستماع إلى محاضراته والتعويل عليه في الأمور العلمية ، وقد منحه الخليفة العباسي القائم بأمر الله (٤٩٧ ـ ٤٢٢ ه) كرسي الكلام وكان هذا الكرسي لا يعطى الا للقليلين من كبار العلماء ولرئيس علماء الوقت (١). واستمرت زعامة الطوسي في بغداد مدة اثنتي عشرة سنة (٤٣٦ لغاية ٤٤٨ ه) وكان يتمتع بالمكانة التي كان يتمتع بها قبله أستاذاه الشيخ المفيد والشريف المرتضى ، وإنْ فاقهما في بعض مراتب العِلم والفضل والكمال. وقد استطاع والطوسي خلال هذه الفترة أن يُربّي نخبة من التلاميذ وأن يضيف إلى التراث الإسلامي مصنفات جديدة ، هذا فضلاً عن متابعته لشئون الشيعة في العراق وخارجها والاتصال بهم عبر وكلائه ، والإجابة عن أسئلتهم واستفتاءاتهم ، ولكن عادت المشكلة التي ترك من أجلها
__________________
(١) الشيخ الطوسي : ٧٥ ـ ٧٤.