الفقه (١) ولم يستقصيه ، وشذَّ منه أشياء يحتاج إلى استدراكها ، وتحريرات غير ما حرَّرها فإن (٢) سيدنا الأجل المرتضى (٣) قدس الله روحه (٤) وإن كثر في أماليه وما يقر عليه شرح ذلك ، فلم يصنف في هذا المعنى شيئا يرجع إليه ، ويجعل ظهرا يستند إليه.
وقلتم : إن هذا فن من العلم لا بد من شدة الاهتمام به ، لأن الشريعة كلها مبنيَّة عليه ، ولا يتم العلم بشيء منها من دون إحكام أصولها ، ومن لم يحكم أصولها فإنما يكون حاكيا ومقلدا ، ولا يكون عالما ، وهذه منزلة يرغب أهل الفضل عنها.
وأنا مجيبكم إلى ما سألتم عنه ، مستعينا بالله وحوله وقوته ، وأسأله أن يعني (٥) على ما يقرب من ثوابه ، ويبعد من عقابه.
وأقدم (٦) في أول الكتاب فصلا يتضمن ماهية أصول الفقه ، وانقسامها ، وكيفية ترتيب أبوابها ، وتعلق بعضها ببعض ، حتى أن الناظر إذا نظر فيه وقف على الغرض المقصود بالكتاب ، وتبين من أوله إلى آخره (٧).
والله تعالى الموفق للصواب.
__________________
والفارسية. [الفهرست للنديم : ١٧٨ و ١٩٧ ، تاريخ بغداد ٣ : ٢٣١ ، رجال النجاشي ٣ : ٤٠ ـ ٣٩٩ ، ط جماعة المدرسين ، الفهرست للطوسي : ١٨٦ ط نجف ، العبر في خبر من غبر ٣ : ١١٥ ـ ١١٤].
(١) واسمه (التذكرة بأصول الفقه) وهو كتاب مختصر في علم أصول الفقه ، ألفه الشيخ المفيد لبعض إخوانه ـ كما جاء في مقدمتها ـ ثم لخصه العلامة الشيخ أبي الفتح محمد بن علي الكراجكي المتوفى عام ٤٤٩ ه وسماه (مختصر التذكرة) وأدرجه في كتابه (كنز الفوائد) ، وقد وصل إلينا المختصر دون الأصل. وطبع لأول مرة عام ١٣٢٢ ه وتلاها طبعات عديدة أخرى.
(٢) وإن.
(٣) هو الشريف المرتضى ، أبو القاسم علي بن الحسين بن موسى بن محمد ... ابن علي بن أبي طالب عليهمالسلام. من الأعلام المشاهير. وصفه تلميذه النجاشي بقوله : (حاز من العلوم ما لم يدانه فيه أحد في زمانه ، وسمع من الحديث فأكثر ، وكان متكلما ، شاعرا ، أديبا ، عظيم المنزلة في العلم ، والدين ، والدنيا). ولد ببغداد عام ٣٥٥ ه وفيها تلقى العلم عند جماعة منهم الشيخ المفيد والمرزباني. عاش في عزّ ومنعة وثراء واسع ، وتولى زعامة الشيعة بعد وفاة المفيد. ربى في مدرسته جماعة من الفقهاء الأعلام كالطوسي وابن البراج وغيرهما ، وصنف عشرات الكتب والرسائل. توفي ببغداد في ربيع الأول سنة ٤٣٦ ه ودفن بمقابر قريش ثم نقل إلى كربلاء.
[رجال النجاشي : ٢٧٠ ، ط جماعة المدرسين ، تاريخ بغداد ١١ : ٤٠٢ ، الفهرست للطوسي ٩٧ ، معجم الأدباء ١٣ : ١٤٦].
(٤) أدام الله علوه.
(٥) يعين.
(٦) وأبدأ.
(٧) وآخره.