عمر إلى صلب الخطاب ، ونقل عثمان إلى صلب عفان ، ونقل عليا إلى صلب أبي طالب. ويؤيده الحديث المشهور : إن الأرواح جنود مجنّدة ما تعارف منها ائتلف وما تناكر منها اختلف.
وبعد اللتيا والتي ، فلا دلالة لهذا الحديث على ما يدّعونه ، لأن كون سيدنا الأمير شريكا في النور النبوي لا يستلزم إمامته من بعد النبي صلّى الله عليه وسلّم ، فلا بدّ لمن يدّعي ذلك من إثبات الملازمة بين الأمرين وبيانها بحيث لا تقبل المنع ، ودون ذلك خرط القتاد.
ولا كلام في قرب نسب حضرة الأمير من النبي صلّى الله عليه وسلّم ، وإنما الكلام في استلزام القرب النسبي للامامة بلا فصل ، ولو كانت القرابة بمجرّدها تستلزم الامامة لكان العباس أولى بها منه ، لكونه عمه وصنو أبيه ، والعم أقرب من ابن العم شرعا وعرفا.
ولو قيل : إن العباس إنما حرم منها لعدم نيله شيئا من نور عبد المطلب ، لانتقاله منه إلى عبد الله وأبي طالب دون غيرهما من أبنائه.
قلنا : إن كانت الامامة منوطة بشدّة النور وكثرته ، فإن الحسنين أولى وأقدم من علي بالامامة بعد النبي صلّى الله عليه وسلّم ، لاجتماع نوري عبد الله وأبي طالب فيهما ، بينما لم ينتقل إلى علي سوى نور أبيه أبي طالب ، كما أنّ من المعلوم أن نور النبي صلّى الله عليه وسلّم أقوى من نور علي ، وهما مجتمعان في الحسنين » (١).
أقول :
لقد نسب ( الدهلوي ) رواية حديث النور إلى الامامية فقط ، وادّعى إجماع أهل السنة على كونه موضوعا ، ونحن نكشف النقاب عن كذب هذه الدعاوى ، وعن مدى تعصب صاحبها وعناده للحق وأهله ، كما فعلنا ذلك في المجلدات السابقة ، وسيتجلّى ذلك لكلّ منصف يقف على ما تفوّه به الرجل في المقام كذلك ،
__________________
(١) التحفة الاثنا عشرية : ٢١٥ ـ ٢١٦.