القيامة » على أنّ كلّ ما حصل لهم من الأجر كان مثله ثابتا للنبي صلىاللهعليهوآلهوسلم وعلي عليهالسلام ، لأنهما اللّذان سنّا هذه السنّة الحسنة ، وتلك فضيلة بالغة ومرتبة رفيعة لا ينالها أحد من العالمين.
قال السبكي في الباب التاسع من ( شفاء الأسقام ) ـ بعد أن ذكر أحاديث دالة على حياة الأنبياء ـ « والكتاب العزيز يدل على ذلك أيضا ، قال الله تعالى ( وَلا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللهِ أَمْواتاً بَلْ أَحْياءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ ) وإذا ثبت ذلك في الشهيد يثبت في حق النبي صلّى الله عليه وسلّم بوجوه :
أحدها : إن هذه رتبة شريفة ، أعطيت للشهيد كرامة له ، ولا رتبة أعلى من رتبة الأنبياء ، ولا شك أن حال الأنبياء أعلى وأكمل من حال جميع الشهداء ، فيستحيل أن يحصل كمال للشهداء ولا يحصل للأنبياء ، لا سيما هذا الكمال الذي يوجب زيادة القرب والزلفى والنعم والأنس بالعلي الأعلى.
والثاني : إن هذه الرتبة حصلت للشهداء أجرا على جهادهم وبذلهم أنفسهم لله تعالى ، والنبي صلّى الله عليه وسلّم هو الذي سنّ لنا ذلك ودعانا إليه وهدانا له بإذن الله تعالى وتوفيقه ، وقد قال صلّى الله عليه وسلّم : من سنّ حسنة فله أجرها وأجر من عمل بها إلى يوم القيامة. وقال صلّى الله عليه وسلّم : من دعا إلى هدى كان له من الأجر مثل أجور من يتبعه لا ينقص ذلك من أجورهم شيئا ، ومن دعا إلى ضلالة كان عليه من الإثم مثل آثام من يتبعه لا ينقص ذلك من آثامهم شيئا. والأحاديث الصحيحة في ذلك كثيرة مشهورة.
فكلّ أجر حصل للشهيد حصل للنبي صلّى الله عليه وسلّم مثله ، والحياة أجر فيحصل للنبي صلّى الله عليه وسلّم مثلها زيادة على ماله صلّى الله عليه وسلّم من الأجر الخاص من نفسه على هدايته للمهتدي ، وعلى ماله من الأجور على حسناته الخاصة من الأعمال والمعارف والأحوال التي لا تصل جميع الأمة إلى عرف نشرها ، ولا يبلغون معاشر عشرها.
وهكذا نقول : إن جميع حسناتنا وأعمالنا الصالحة وعبادات كلّ مسلم مسطّر