لوجودك فيه بكمال أعلى مما قبله ولو في ضمن آبائك ، لكن أعظمها افتخارا عصر بروزك إلى هذا العالم ، ثم عصر نشأتك ، ثم عصر رضاعك ، فشق بطنك ، فتعبدك بحراء وغيره ، ثم عصر نبوّتك ، ثم عصر رسالتك ، ثم عصر هجرتك ، ثم عصر جهادك ، ثم عصر سراياك وبعوثك ، ثم عصر فتوحك ، ثم عصر دخول الناس في دين الله أفواجا ، ثم عصر حجك ، ثم عصر أتباعك على تفاوتهم إلى يوم القيامة ، كما دل عليه الحديث المشهور : لا تزال طائفة من أمتي إلخ.
فمزاياه تتزايد في كلّ عصر من أعصار حياته صلّى الله عليه وسلّم على ما قبله ، وبحسب ذلك يكون افتخار ذلك العصر على غيره ، وكذلك عصور أتباعه يتفاوت مراتبهم ومزاياهم المستمدة من مزاياه وأعمالهم المتضاعفة له تضاعفا يفوق الحصر ، لأن كل عامل متضاعف له صلّى الله عليه وسلّم بحسب عمله ، وكذلك كلّ واسطة بينه وبينه ، لأنه الدال للكل ، ومن دلّ على خير فله مثل أجر فاعله ، فكلّ فاعل بكل حال يتضاعف له بحسب تضاعف من بعده ، ويتضاعف للنبي صلّى الله عليه وسلّم بحسب تضاعف الجميع ، وهذا شيء يقصر عن إدراك كنهه العقل ، ثم عصر مقامه المحمود وشفاعته العظمى في فصل القضاء ، ثم بقية شفاعاته ، ثم عصر حوضه ، ثم عصر وسيلته التي يعطاها في الجنة ، مما لا تدرك غايته ولا تحد نهايته.
فكلّ هذه العصور تفتخر به بحسب ما يقع فيها من كماله ، لأن الأزمنة والأمكنة تتشرّف بشرف من كان فيها ، وما يكون فيها من المزايا والكمالات ، ولذا قال بعضهم : إن ليلة مولده صلّى الله عليه وسلّم أفضل من ليلة القدر ، وهو صحيح لو لا النص على خلافه ، على أن ليلة القدر من خصوصياته فتفضيلها إنما هو لأجله أيضا.
[ وتسمو ] أي تعلو وترتفع من سموت وسميت كعلوت وعليت [ بك ] أى بتلبسها بك مرتبة [ علياء ] تأنيث أعلى [ بعدها ] في الزمان والعلو مرتبة أخرى [ علياء ] أي أعلى منها.