« يقول : وكلّ معجزة من المعجزات التي جاء بها المرسلون عليهمالسلام إلى أقوامهم ، وسائر الآيات الدالة على كمال فضلهم وصدق مقالهم من العلم والحكمة فيهم ، فإنهم ما اتصلت بهم وما وصلت إليهم إلاّ من نوره الذي هو أول كل نور ومبدؤه صلّى الله عليه وسلّم لقوله عليهالسلام : أول ما خلق الله نوري.
ولا شك أن الأنبياء والرسل عليهمالسلام كلهم مخلوقون من نور واحد ، وهو نور نبينا صلّى الله عليه وسلّم ، فأنوارهم شعب منه وفروع له ، وهو نور الأنوار وشمس الأقمار ».
وقال عصام الدين إبراهيم بن محمّد الأسفراييني في شرحه :
« والحاصل : إن أنوار سائر الرسل أثر من آثار نوره ، فمن نور محمّد نور العرش والكرسي ، ونور الشمس والقمر ، وأنوار جميع الأنبياء ، وأنوار الصحابة والتابعين ، وأنوار المسلمين والمسلمات ».
قلت : إن جميع هذه الأوصاف والمدائح الكريمة ثابتة لعلي عليهالسلام ، لاتحاد نوره ونور النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وكونهما معا في الخلق والتقدم ، فهو ـ إذن ـ شريكه فيها ومثيله ... وبهذا يظهر بطلان تقدّم أحد عليه ...
وقال البوصيري :
« فإنه شمس فضل هم كواكبها |
|
يظهرن أنوارها
للناس في الظلم » |
قال الرومي بشرحه ما ملخصه :
« يقول : إنما اتّصلت تلك الآيات الباهرات بهم من نوره صلّى الله عليه وسلّم ، لأنه شمس فضل الله تعالى ورحمة للناس كافة ، والرسل عليهمالسلام كانوا مظاهر نوره وحملة سره على درجات استعداداتهم ومراتب قابلياتهم ، يظهرون أنوار حقائقه وأسرار دقائقه لأقوامهم قرنا بعد قرن ، بدعوتهم إياهم إلى تصديقه والإقرار بمجيئه ، كما أن القمر يظهر نور الشمس ويحكيه عند طلوعه في الليالي المظلمة ليكون نوره مستفادا من الشمس ، فإذا طلعت لم يبق له ظهور ولا أثر نوره. وفي هذا البيت من حسن الاستعارة ما لا يخفى ».