رسوله. فقال له طلحة : أنت أولى بذلك مني وأحق ، لسابقتك وقرابتك ، وقد اجتمع لك من هؤلاء الناس من قد تفرّق عني ، فقال له علي : أخاف أن تنكث بيعتي وتغدر بي. قال : لا تخافنّ ذلك فو الله لا ترى من قبلي أبدا شيئا تكره. قال : الله عليك كفيل.
ثم أتى الزبير بن العوام ونحن معه فقال له مثل ما قال لطلحة ، وردّ عليه مثل الذي ردّ عليه طلحة.
وكان طلحة قد أخذ لقاحا لعثمان ومفاتيح ، وكان الناس اجتمعوا عليه ليبايعوه ولم يفعلوا ، فضرب الركبان بخبره إلى عائشة وهي بسرف فقالت : كأني انظر إلى إصبعه تبايع بخب وغدر.
قال ابن الحنفيّة : لما اجتمع الناس على علي قالوا له : هذا الرجل قد قتل ولا بد للناس من إمام ، ولا نجد لهذا الأمر أحق منك ولا أقدم سابقة ولا أقرب من رسول الله صلّى الله عليه وسلّم رحما منك ، قال : لا تفعلوا فإني وزيرا خير مني لكم أميرا. قالوا : والله ما نحن بفاعلين أبدا حتى نبايعك ، وتداكوا على يده ، فلما راى ذلك قال : إن بيعتي لا تكون في خلوة إلاّ في المسجد ظاهرا ، وأمر مناديا فنادى المسجد المسجد ، فخرج وخرج الناس معه فصعد المنبر فحمد الله وأثنى عليه ثم قال : حق وباطل ولكل أهل ، فلئن كثر الباطل لقديما فعل ولئن قل الحق فلربما ، ولعل ما أدبر شيء فأقبل ، ولئن ردّ إليكم أمركم لسعدتم ، فإني أخشى أن تكونوا في فترة وما علي إلا الجهد ، سبق الرجلان وقام الثالث ثلاثة واثنان ليس معهما سادس : ملك مقرب ، ومن أخذ الله ميثاقه ، وصديق نجا ، وساع مجتهد ، وطالب يرجو ، هلك من ادعى وخاب من افترى ، اليمين والشمال مضلة والطريق المنهج عليه باقي الكتاب وآثار النبوة ، وإن الله أدب هذه الأمة بالسوط والسيف ، ليس لأحد فيما عندنا هوادة ، فاستووا ببيوتكم وأصلحوا ذات بينكم وتعاطوا الحق فيما بينكم ، فمن أبرز صفحته معاندا للحق هلك ، والتوبة من ورائكم. وأقول قولي هذا واستغفر الله لي ولكم ، فهو أول خطبة خطبها بعد ما استخلف.