حرف الميم
نبينا ومولانا (محمد) صلىاللهعليهوسلم : سمّاه الله فى القرآن بأسماء كثيرة ، وقد قدمنا أنه تعالى اشتق له من اسمه سبحانه نحو السبعين ، واختلف هل تحصى أسماؤه؟ والصحيح : لا تحصى أسماء الله وأسماء رسوله ؛ لأن كمالاتهما لا حصر لهما. ومن أعظم معجزاته صلىاللهعليهوسلم القرآن المعجز للخلق عن الإتيان بمثله ؛ فعلومه منه أجمع ، ورثت أمته من علومه ما هو أوفر وأسطع ، فأجورهم وأنوارهم من بركته صلىاللهعليهوسلم لامعة ؛ وقد ستر الله عليهم ما لم يقبل من عملها ، ولم تعاجل عصاتها ، فهم خير أمة وأقل عملا ، وصفوتهم كالملائكة ، وهم ثلثا أهل الجنة ، ويدخل الجنة منهم سبعون ألفا بغير حساب ، ومع كلّ واحد منهم سبعون ألفا وثلاث حثيات تفضّلا منه وامتنانا ، وهذه لا يدرى ما عددها ، وهم أوّل من يقضى لهم ، ويدخل الجنة ، نسأل الله بجاهه أن يهب لنا الحياة بسنته والوفاة على ملّته.
واعلم أن كل كمال فى الخلق ظاهرا أو باطنا فقد جمعه صلىاللهعليهوسلم بأكمل مزيد مع ما تفرّد به ، ورؤيته صلىاللهعليهوسلم بمنام تعريف منه تعالى بمثال له شكل ولون وصورة ، والروح منزّه عن ذلك. وكل من تراه فى المنام إنما هو مثال محسوس لا روحه وجسده ، وقوله صلىاللهعليهوسلم : من رآنى فى المنام فقد رآنى ؛ أى كأنه. وفى رواية فى الصحيح : فكأنما رآنى. فالرؤيا واسطة بينه وبين أمّته تعريفا منه تعالى. قيل للأرواح قوة التشكل كالملائكة والجن بما لا يخفى ؛ نحو (١) : (فَتَمَثَّلَ لَها بَشَراً سَوِيًّا). وكتمثّل جبريل
__________________
(١) مريم : ١٧