والحب والخوف ـ أنه من عند الله تكلم به حقا ، وبلغه رسوله جبريل عنه إلى رسوله محمد.
فهذا الشاهد في القلب من أعظم الشواهد. وبه احتج هرقل على أبي سفيان حيث قال له «فهل يرتد أحد منهم سخطة لدينه بعد أن يدخل فيه؟ فقال : لا. فقال له : وكذلك الايمان ، إذا خالطت بشاشته القلوب لا يسخطه أحد».
وقد أشار الله تعالى إلى هذا المعنى في قوله ٢٩ : ٤٩ (بَلْ هُوَ آياتٌ بَيِّناتٌ فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ) وقوله ٣٤ : ٦ (وَيَرَى الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ الَّذِي أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ هُوَ الْحَقَ) وقوله ٢٢ : ٥٤ (وَلِيَعْلَمَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ فَيُؤْمِنُوا بِهِ) وقوله ١٣ : ١٩ (أَفَمَنْ يَعْلَمُ أَنَّما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ الْحَقُّ كَمَنْ هُوَ أَعْمى؟) وقوله ١٣ : ٢٧ (وَيَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُوا : لَوْ لا أُنْزِلَ عَلَيْهِ آيَةٌ مِنْ رَبِّهِ قُلْ إِنَّ اللهَ يُضِلُّ مَنْ يَشاءُ ، وَيَهْدِي إِلَيْهِ مَنْ أَنابَ).
يعني أن الآية التي يقترحونها لا توجب هداية ، بل الله هو الذي يهدي ويضل ثم نبههم على أعظم آية وأجابها : وهي طمأنينة قلوب المؤمنين بذكر الله الذي أنزله. فقال ١٣ : ٢٨ (الَّذِينَ آمَنُوا ، وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللهِ أَلا بِذِكْرِ اللهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ) فطمأنينة القلوب الصحيحة ، والفطر السليمة به. وسكونها إليها : من أعظم الآيات ، إذ يستحيل في العادة : أن تطمئن القلوب وتسكن إلى الكذب والافتراء والباطل.
فإن قيل : فلم لم يذكر سبحانه شهادة رسله مع الملائكة. فقال : شهد الله أنه لا إله إلا هو والملائكة والرسل ، وهم أعظم شهادة من أولي العلم؟.
قيل : في ذلك عدة فوائد :
أحدها : أن أولي العلم أعم من الرسل والأنبياء. فيدخلون هم وأتباعهم.