واتباع الآباء من غير نور من الله تعالى.
فظلمات : جمع ظلمة ، وهي ظلمة الجهل ، وظلمة الكفر ، وظلمة ظلم النفس بالتقليد واتباع الهوى ، وظلمة الشك والريب ، وظلمة الإعراض عن الحق الذي بعث الله تعالى به رسله صلوات الله وسلامه عليهم. والنور الذي أنزله معهم ليخرجوا به الناس من الظلمات إلى النور.
فالمعرض عما بعث الله به عبده ورسوله محمدا صلىاللهعليهوسلم من الهدى ودين الحق يتقلب في خمس ظلمات : قوله ظلمة ، وعمله ظلمة ، ومدخله ظلمة ، ومخرجه ظلمة ، ومصيره إلى الظلمة ، وقلبه مظلم ، ووجهه مظلم ، وكلامه مظلم ، وحاله مظلم ، وإذا قابلت بصيرته الخفاشية ما بعث الله به محمدا صلىاللهعليهوسلم من النور جدّ في الهرب منه ، وكاد نوره يخطف بصره. فهرب إلى ظلمات الآراء. التي هي به أنسب. كما قيل :
خفافيش أعشاها النهار بضوئه |
|
ووافقها قطع من الليل مظلم |
فإذا جاء إلى زبالة الأفكار ، ونحاتة الأذهان ، جال وصال ، وأبدى وأعاد ، وقعقع وفرقع ، فإذا طلع نور الوحي ، وشمس الرسالة انجحر في جحرة الحشرات.
قوله (فِي بَحْرٍ لُجِّيٍ) «اللجى» العميق ، منسوب إلى لجة البحر. وهو معظمه.
وقوله تعالى : (يَغْشاهُ مَوْجٌ مِنْ فَوْقِهِ مَوْجٌ مِنْ فَوْقِهِ سَحابٌ) تصوير لحال هذا المعرض عن وحيه.
فشبه تلاطم أمواج الشبه والباطل في صدره بتلاطم أمواج ذلك البحر. وأنها أمواج بعضها فوق بعض.
والضمير الأول في قوله «يغشاه» راجع إلى البحر. والضمير الثاني في قوله «من فوقه» عائد إلى الموج.