ثم إن الأمة كلهم لا يجوز أحد منهم أن يقول : عبدت اسم ربي ، ولا سجدت لاسم ربي ، ولا ركعت لاسم ربي ، ولا اسم ربي ارحمني. وهذا يدل على أن الأشياء متعلقة بالمسمى ، لا بالاسم.
وأما الجواب عن تعلق الذكر والتسبيح المأمور به ب «اسم» فقد قيل فيه : إن التعظيم والتنزيه إذا وجب للمعظم قد تعظم ما هو من سببه ، ومتعلق به ، كما يقال : سلام على الحضرة العالية ، والباب السامي ، والمجلس الكريم. ونحوه. وهذا جواب غير مرض لوجهين.
أحدهما : أن الرسول صلىاللهعليهوسلم لم يفهم هذا المعنى ، وإنما قال «سبحان ربي» فلم يعرج على ما ذكرتموه.
الثاني : أنه يلزمه أن يطلق على الاسم التكبير والتحميد والتهليل ، وسائر ما يطلق على المسمى ، فيقال : الحمد لاسم الله. ولا إله إلا اسم الله ، ونحوه. وهذا مما لم يقله أحد.
بل الجواب الصحيح : أن الذكر الحقيقي حله القلب ، لأنه ضد النسيان. والتسبيح نوع من الذكر. فلو أطلق الذكر والتسبيح لما فهم منه إلا ذلك ، دون اللفظ باللسان. والله تعالى أراد من عباده الأمرين جميعا ، ولم يقبل الإيمان وعقد الإسلام إلا باقترانهما واجتماعهما.
فصار معنى الآيتين : سبح ربك بقلبك ولسانك. واذكر ربك بقلبك ولسانك. فأقحم الاسم تنبيها على هذا المعنى. حتى لا يخلو الذكر والتسبيح من اللفظ باللسان : لأن ذكر القلب متعلقه المسمى المدلول عليه بالاسم ، دون ما سواه. والذكر باللسان : متعلقه اللفظ مع مدلوله. لأن اللفظ لا يراد لنفسه. فلا يتوهم أحد أن اللفظ هو المسبح ، دون ما يدل عليه من المعنى.
وعبر لي شيخنا أبو العباس ابن تيمية قدس الله روحه عن هذا المعنى