والله أعلم ـ دخلت اللام في قوله تعالى : (سَبَّحَ لِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) والمراد التسبيح الذي هو السجود والخضوع والطاعة ، ولم يقل في موضع : سبح الله ما في السموات والأرض ، كما قال تعالى ١٣ : ١٥ (وَلِلَّهِ يَسْجُدُ مَنْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ).
وتأمل قوله تعالى : ٧ : ٢٠٥ (إِنَّ الَّذِينَ عِنْدَ رَبِّكَ لا يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبادَتِهِ وَيُسَبِّحُونَهُ وَلَهُ يَسْجُدُونَ) فكيف قال : «ويسبحونه» لما ذكر السجود باسمه الخاص ، فصار التسبيح : ذكرهم له ، وتنزيههم إياه.
قول الله تعالى ذكره :
(لا يَمَسُّهُ إِلاَّ الْمُطَهَّرُونَ (٧٩))
والصحيح في الآية : أن المراد به : الصحف التي بأيدي الملائكة لوجوه عديدة.
منها : أنه وصفه بأنه مكنون ، والمكنون المستور عن العيون ، وهذا إنما هو في الصحف التي بأيدي الملائكة.
ومنها : أنه قال : (لا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ) وهم الملائكة ولو أراد المؤمنين المتوضئين لقال : لا يمسه إلا المتطهرون ، كما قال تعالى : ٢ : ٢٥١ (إِنَّ اللهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ) فالملائكة مطهرون ، والمؤمنون والمتوضئون متطهرون.
ومنها : أن هذا إخبار ، ولو كان نهيا لقال : لا يمسسه ، بالجزم. والأصل في الخبر ، أن يكون خبرا صورة ومعنى.
ومنها : أن هذا رد على من قال. إن الشيطان جاء بهذا القرآن ، فأخبر تعالى أنه في كتاب مكنون لا تناله الشياطين ، ولا وصول لها إليه ، كما قال تعالى في آية الشعراء : ٢٦ : ٢١٠ ـ ٢١٢ (وَما تَنَزَّلَتْ بِهِ الشَّياطِينُ ، وَما يَنْبَغِي لَهُمْ وَما يَسْتَطِيعُونَ إِنَّهُمْ عَنِ السَّمْعِ لَمَعْزُولُونَ) وأنما تناله الأرواح