صالِحاً ، وَلا يُشْرِكْ بِعِبادَةِ رَبِّهِ أَحَداً). وفي قوله ٤ : ١٢٥ (وَمَنْ أَحْسَنُ دِيناً مِمَّنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ) فلا يقبل الله من العمل إلا ما كان خالصا لوجهه على متابعة أمره ، وما عدا ذلك فهو مردود على عامله ، يعود عليه أحوج ما هو إليه هباء منثورا. وفي الصحيح عن النبي صلىاللهعليهوسلم «كل عمل ليس عليه أمرنا فهو رد» وكل عمل بلا اقتداء فإنه لا يزيد عامله من الله إلا بعدا. فإن الله تعالى إنما بعبد بأمره ، لا بالآراء والأهواء.
فصل
الضرب الثاني : من لا إخلاص له ولا متابعة. فليس عمله موافقا لشرع ، ولا هو خالصا للمعبود ، كأعمال المتزينين للناس المرائين لهم بما لم يشرعه الله ورسوله. وهؤلاء شرار الخلق وأمقتهم إلى الله عزوجل. ولهم أوفر نصيب من قوله ٣ : ١٨٨ (لا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَفْرَحُونَ بِما أَتَوْا وَيُحِبُّونَ أَنْ يُحْمَدُوا بِما لَمْ يَفْعَلُوا. فَلا تَحْسَبَنَّهُمْ بِمَفازَةٍ مِنَ الْعَذابِ وَلَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ) يفرحون بما أتوا من البدعة والضلالة والشرك ، ويحبون أن يحمدوا باتباع السنة والإخلاص.
وهذا الضرب يكثر فيمن انحرف من المنتسبين إلى العلم والفقر والعبادة عن الصراط المستقيم ، فإنهم يرتكبون البدع والضلالات ، والرياء والسمعة ويحبون أن يحمدوا بما لم يفعلوه من الاتباع والإخلاص والعلم. فهم أهل الغضب والضلال.
الضرب الثالث : من هو مخلص في أعماله ، لكنها على غير متابعة الأمر ، كجهال العباد ، والمنتسبين إلى طريق الزهد والفقر ، وكل من عبد الله بغير أمره ، واعتقده قربة إلى الله فهذا حاله ، كمن يظن أن سماع المكاء والتصدية قربة ، وأن الخلوة التي يترك فيها الجمعة والجماعة قربة ، وأن مواصلة صوم النهار بالليل قربة ، وأن صيام يوم فطر الناس كلهم قربة. وأمثال ذلك.