الناس وقضاء حوائجهم ، ومساعدتهم بالمال والجاه والنفع أفضل. فتصدوا له وعملوا عليه واحتجوا بقول النبي صلىاللهعليهوسلم «الخلق كلهم عيال الله ، وأحبهم إليه أنفعهم لعياله» رواه أبو يعلي.
واحتجوا بأن عمل العابد قاصر على نفسه وعمل النفاع متعد إلى الغير ، وأين أحدهما من الآخر؟.
قالوا : ولهذا كان فضل العالم على العابد : كفضل القمر على سائر الكواكب.
قالوا : وقد قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم لعلي بن أبي طالب رضي الله عنه «لأن يهدي الله بك رجلا واحدا خير لك من حمر النعم» وهذا التفضيل للنفع المتعدي ، واحتجوا بقوله صلىاللهعليهوسلم «من دعا إلى هدى كان له من الأجر مثل أجور من أتبعه ، من غير أن ينتقض من أجورهم شيء» (١) واحتجوا بقوله صلىاللهعليهوسلم «إن الله وملائكته يصلون على معلمي الناس الخير» وبقوله صلىاللهعليهوسلم «إن العالم ليستغفر له من في السموات ومن في الأرض ، حتى الحيتان في البحر والنملة في حجرها».
واحتجوا بأن صاحب العبادة إذا مات انقطع عمله ، وصاحب النفع لا ينقطع عمله ما دام نفعه الذي نسب إليه.
واحتجوا بأن الأنبياء إنما بعثوا بالإحسان إلى الخلق وهدايتهم ، ونفعهم في معاشهم ومعادهم ، لم يبعثوا بالخلوات والانقطاع عن الناس والترهب ، ولهذا أنكر النبي صلىاللهعليهوسلم على أولئك النفر الذين هموا بالانقطاع للتعبد ، وترك مخالطة الناس ، ورأي هؤلاء التفرق في أمر الله ونفع عباده والإحسان إليهم أفضل من الجمعية عليه بدون ذلك.
الصنف الرابع : قالوا : إن أفضل العبادة : العمل على مرضاة الرب
__________________
(١) أخرجه الترمذي عن أبي هريرة برقم ٢٦٧٤.