أوضحنا جميع ذلك ممّا لا يرتاب فيه المتأمّل في شرحنا على كتاب المدارك الموسوم بتدارك المدارك وكتاب الحدائق الناضرة» (١).
ورُدَّ على ذلك بأنّ المصنِّف لم يضطرب مبناه ، والتمسُّك بالمبنى الأصولي أو الفقهي أو الرجالي لا يدلّ على الاضطراب ، فقد يردُّ المصنِّفُ روايةً معيّنةً ولكن يستدلّ بها إذا كانت مشهورة عند الفقهاء ، فالمبنى هو الأخذ بعمل الأصحاب لا الأخذ بالرواية ، وهذا الفارق ينبغي ملاحظته في مباني الفقهاء.
والتحقيق أنّ المنهج الاستدلالي للسيِّد العاملي صاحب المدارك لا يعلوه منهج آخر ، فتراه متقناً في البحث عن أسانيد الرواة ، واستدلاله لا يعلو عليه استدلال مصنّف آخر في زمانه.
نماذج من منهجه :
من أجل تشخيص منهج المصنّف لابدّ من دراسة نماذج من بحثه ، ومن ذلك منزوحات البئر :
النموذج الأوّل : منزوحات البئر في حالة صبِّ المسكر : والبئر كان من أهمِّ مصادر الماء في الحجاز زمن النصِّ ، وكان الناس يحفرون الآبار للسقايةوالغسل والوضوء ونحوها ، ولذلك فقد كثر في الرواية استخدام البئروكثرت الأسئلة حول المشاكل التي كان يبتلي بها الناس مع الآبار كوقوع الميتة والخمر فيها ، فكان يقتضي تطهير البئر من النجاسات بنزح كمّية معيّنة من ماء البئر بالدلاء ، وفي ذلك يقول المصنّف :
__________________
(١) لؤلؤة البحرين : ٤٥.