إنّ الشروط متوافرة في المقام ؛ لأنّ أرباب الكتب الرجالية الأربعة والذين يدور عليهم مدار الأخذ بالتوثيق والتضعيف من أجلاّء الأصحاب وأعظمهم قدراً وأرفعهم شأناً ، كما أنّ شهادتهم من معرفة وحسٍّ وذلك لقرب بعضهم للرواة مباشرة وبلا واسطة ، وكثرة التصنيفات الرجالية من أصحابنا الإماميّة في ذلك العصر بحيث يمكن الاعتماد على ما ورد فيها على الرغم من كثرتها(١).
٢ ـ مشروعية تقييمات الرجاليّين المتأخّرين :
وقع الاختلاف بين الأعلام في توثيقات المتأخّرين كابن طاووس والعلاّمة الحلّي وابن داود والشهيد الثاني وغيرهم أهي مقبولة أم لا.
أمّا من رفض توثيقات المتأخّرين فاستدلّ على ذلك بأنّ توثيقات مثل العلاّمة الحلّي لا تخلو من أحد أمرين : فإمّا أن تكون مستندة إلى توثيقات المتقدّمين لو كان لهم توثيق ، أو هي مستندة إلى الحدس والاجتهاد لولم يكن للمتقدّمين توثيق ، وليست ناشئة من الحسّ والعثور على بعض الكتب الرجالية التي لم يعثر عليها المتقدّمون(٢).
ومن قال : إنّ أحكام المتأخّرين مبنية على الحدس ، فوجه ذلك إلى أنّ السّلسلة قد انقطعت بعد الشيخ الطوسي وأصبح كلّ من ينقل من بعد زمان الشيخ الطوسي شيئاً من التوثيق أو التضعيف معتمداً على الشيخ نفسه ، لذا نجدكلّ ما لدى المتأخّرين من طرق تمرّ بالشيخ الطوسي ، فالعلاّمة الحلّي في إجازته الكبيرة لبني زهرة يذكر طرقه إلى جميع الكتب التي ينقل
__________________
(١) بحوث في فقه الرجال : ٨٨.
(٢) دروس تمهيدية : ١١٦.