البطن وما بعده من سنخ الافعال ، فلو كان ذلك طريقا إلى العدالة لزم كونها أمرا آخر وراء ما ذكر ، وهو مما لم يقل به أحد ، ولا يمكن الالتزام به. فيتعين لذلك حمل السؤال على السؤال عن مفهومها ، لجهل السائل به الموجب للجهل بوجودها. ويشهد لذلك ايضا قوله عليهالسلام : «والدلالة على ..» فانه كالصريح في كونه واردا لبيان الطريق. فان كان المراد منه بيان الطريق إلى العدالة ، فحمل الأوّل على بيان الطريق أيضا يلزم منه أن يكون المقصود جعل طريقين إلى العدالة ، ولأجل أن الأوّل أخص يكون لغوا. وان كان المراد منه الطريق إلى الأوّل فيكون طريقا إلى الطريق فهو ـ مع بعده في نفسه ـ ينافيه قوله عليهالسلام بعده : «ويجب عليه تزكيته واظهار عدالته» فانه ظاهر في كونه طريقا إلى العدالة لا طريقا إلى الطريق اليها. ويناسب ما ذكرنا جدا اختلاف التعبير ، فانه عبر في الصدر بالمعرفة المشاكلة للتعبير في السؤال وفي الذيل بالدلالة المخالفة له ، فيدل ذلك كله على أن المعرفة في السؤال وفي الصدر بمعنى معرفة المفهوم ، وان الدلالة في الذيل بمعنى بمعرفة وجود المفهوم. وبذلك تعرف أن قوله عليهالسلام : «ويعرف باجتناب ..» متمم للتعريف الأوّل ، لا طريق إليه. ولا سيما بملاحظة ما بينهما من الاشتراك ، فان كف البطن .. راجع إلى اجتناب جملة من الكبائر. ولأجل ذلك أيضا يمتنع أن يكون طريقا إلى العدالة لو حمل الأوّل على بيان المفهوم.
والمتحصل مما ذكرنا : أن الرواية الشريفة صدر الجواب فيها ظاهر في بيان مفهوم العدالة ، وما بعده ظاهر في بيان الطريق إلى المصداق ، فان حمل السؤال على السؤال عن المفهوم ـ بقرينة صدر الجواب ، لما بينه وبين السؤال من المشاكلة