بين دليلي الحرج والضرر في نفي الواقع ، وإن لم يكن حرجا عرفا فلا دليل على الصحة ، إذ لم يثبت من أدلة خوف الضرر أو اعتقاده موضوعية الخوف والاعتقاد ، بل مقتضى الجمع العرفي بينها وبين أدلة موضوعية الضرر هو طريقية الخوف ، كما سنشير إلى ذلك في مبحث وضوء الجبيرة.
وأمّا في التقية فان كان الخطأ في كون المتقى ـ بالفتح ـ عدوا أو في كون رأيه مخالفا للواقع ، فالحكم البطلان ، لعدم الدليل على الصحة وأدلة مشروعية التقية مختصة بصورة المفروغية عن ثبوت العداوة ومحالفة رأي العدو للواقع ، فلا تصلح للاعتماد عليها في ظرف انتفاء أحدهما. نعم لو كان الأمر بالجري على خلاف التقية حرجا عرفا فالحكم الصحة لما سبق وإن كان الخطأ في ترتب الضرر على مخالفة التقية فلا تبعد الصحة أيضا ، لظهور أدلة التقية في موضوعية الخوف (١).
__________________
(١) هذا في التقية الواجبة. وأمّا التقية المستحبة فموضوعها المجاملة والمداراة.
وقال سيدنا الاستاذ الخوئي رضى الله عنه في بعض كلامه في شرح المقام : ان التقية شرّعت في العبادات لمحض المجاملة والمداراة مع العامة سواء كان في تركها ضرر على المكلف أم لم يكن. وفي غير العبادات وجوب التقية أو جوازها انما يدور مدار احتمال الضرر احتمالا عقلائيا ، فالخوف وقتئذ تمام الموضوع لوجوب التقية أو جوازها ، ولا يعتبر في ذلك ان يكون في ترك التقية ضررا واقعا .. (التنقيح ج ٤ / ٣٢٨).
أقول : ادلة التقية على قسمين منها لدفع الضرر كما هو معناها ومنها ما هو