العلامة الثالثة :
الاطّراد
إذا اطّرد استعمال لفظ في أفراد كلي بحيثية خاصة ، كرجل باعتبار الرجولية في زيد وعمر ، مع القطع بكونه غير موضوع لكل واحد على حدة ، استكشف منه وجود علاقة الوضع بينها وبين ذاك الكلي ، وعلم أنّه موضوع للجامع بين الأفراد. واحتمال كونه مجازاً لأجل العلاقة ، مدفوع بعدم الاطّراد في علائق المجاز ، فانّ علامة الجزء والكل ليست مطردة بشهادة انّه يصحّ استعمال العين في المراقب ولا يصحّ استعمال الشعر فيه ، ويصحّ استعمال اللسان في الوكيل دون الصدر فيه وغير ذلك.
وأورد عليه المحقّق الخراساني بوجوه ثلاثة :
١. انّ المجاز وإن لم يطرد في نوع علائقه ومطلق المشابهة إلاّ انّه في خصوص ما يصحّ معه الاستعمال في المجاز مطرد كالحقيقة. (١)
يريد أنّ استعمال الجزء في الكل وإن كان ليس بمطّرد في نوع تلك العلاقة بأنْ يطلق الجزء كالشعر ويراد الكل أي الإنسان ، لكنّه مطّرد في خصوص ما كان للجزء دور خاص في مورد الاستعمال كالعين في المراقبة ، والتبيين في اللسان ، والعمل في اليد.
ثمّ إنّه لما التفت إلى وجود الفرق بين الاطّرادين حيث إنّ الاطّراد في الحقيقة عار عن التأويل ، بخلاف الاطّراد في المجاز فانّه لا يصحّ إلاّ مع التأويل ، أي تنزيل الجزء منزلة الكل ، وكأنّه ليس للإنسان الجاسوس شأن سوى العين والنظر ،
__________________
١ ـ كفاية الأُصول : ١ / ٢٨.