في تعارض الأحوال
لا شكّ أنّه إذا دار الأمر بين حمل اللفظ على المعنى الحقيقي والمجازي ، فالأصل هو الحقيقة حتى يثبت خلافه ، أو إذا دار الأمر بين العام والخاص ، أو المطلق والمقيّد ، فالأصل هو الأخذ بالعموم والمطلق حتى يثبت خلافها.
إنّما الكلام فيما إذا دار الأمر بين أحد الأُمور الخمسة التي كلها على خلاف الأصل كالتجوز والتخصيص والاشتراك ، والنقل والإضمار ، وغيرها كالاستخدام والتقييد فهل هناك ترجيح لأحدها على الآخر ، أو لا؟ قد ذكر الأُصوليون وجوهاً استحسانية لترجيح بعض على البعض الآخر ، وقد أطنب المحقّق القمي (١) الكلام في ذلك لكنّها وجوه عقلية ظنية ، لا تثبت الظهور.
مثلاً إذا دار الأمر في قوله سبحانه : ( وَاسْئَلِ الْقَرْيَةِ الّتي كُنّا فِيها ) (٢) بين إضمار لفظ « أهل » ، أو استعمال القرية في غير معناها الحقيقي فقد ذكروا لكلّ وجهاً غير مقنع ، فالبحث عن هذه الوجوه ونقدها إضاعة للعمر والمتّبع لدى أهل المحاورة هو الظهور فإن تحقّق فهو وإلاّ فلا تعتبر ، لأنّ هذه الوجوه ، علل فكريّة ، أشبه بأُمور عقلية بعيدة عن الأذهان العرفية ، فلا يلتفت إليها العرف الدقيق حتى يثبت بها الظهور للكلام.
__________________
١ ـ قوانين الأُصول : ١ / ٣١ ـ ٣٥.
٢ ـ يوسف : ٨٢.