دراسة النظرية الرابعة
وحاصل هذه النظرية : أنّ هذه الألفاظ كانت حقيقة في هذه المعاني قبل البعثة ومتزامناً معها وقد استعملها النبي فيها كاستعمال سائر الألفاظ من غير فرق بينها. وتوضيح ذلك يتوقف على ثبوت أمرين وإن ذكر أحدهما القوم وغفلوا عن الثاني ، ولذلك استشكلوا على تلك النظرية غفلة عن الأمر الثاني.
١. انّ هذه العبادات كانت موجودة في الشرائع السابقة ، ويشهد لها كثير من الآيات القرآنية ، ونكتفي بالبعض منها.
قال تعالى : ( كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصّيام كَما كُتِبَ علَى الَّذينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُون ). (١)
وقال تعالى : ( وَأَذِّنْ فِي النّاسِ بِالحَجِّ يَأْتُوكَ رِجالاً وَعَلى كُل ضامر يَأْتينَ من كُلِّ فَجّ عَميق ). (٢)
وقال تعالى : ( قالَ إِنّي عبدُ اللّه آتاني الكتابَ وَجَعَلني نَبيّاً * وَجَعَلَني مُباركاً أَيْنَ ما كُنْتُ وَأَوصانِي بالصَّلاةِ وَالزَّكاةِ ما دُمْتُ حَيّاً ). (٣)
وقال تعالى : ( وَاذْكُرْ فِي الكِتاب إِسماعيل إِنَّهُ كانَ صادِقَ الوَعْد وَكانَ رَسُولاً نَبِيّاً * وَكانَ يَأْمُرُ أَهلهُ بِالصَّلاةِ وَالزَّكاةِ وَكانَ عِنْدَ رَبِّهِ مَرضِيّاً ). (٤)
فانّ هذه الآيات وغيرها ممّا يجده المتتبع في القرآن ، تدل على وجود تلك الماهيات في الشرائع السابقة وانّها ليست ماهيات مخترعة.
هذا هو الأمر الأوّل وإليك الكلام في الأمر الثاني :
__________________
١ ـ البقرة : ١٨٣.
٢ ـ الحج : ٢٧.
٣ ـ مريم : ٣٠ ـ ٣١.
٤ ـ مريم : ٥٤ ـ ٥٥.