المؤثر لأثر كذا شرعاً وعرفاً ، والاختلاف بين الشرع والعرف فيما يعتبر في تأثير العقد لا يوجب الاختلاف بينهما في المعنى ، بل الاختلاف في المحققات والمصاديق وتخطئة الشرع العرف في تخيّل كون العقد بدون ما اعتبره في تأثيره ، محقِّقاً لما هو المؤثر كما لا يخفى. (١)
يلاحظ عليه : بأنّه لو كان المعتبر عند العرف والشرع هو العقد المؤثر « لأثر كذا » كان لما ذكره وجه ويلزم وحدة المعتبر ويرجع الاختلاف إلى المصاديق ويصحّ للشرع أن يخطِّئ العرف تخطئة مصداقية.
وأمّا إذا كان المعتبر أمراً تفصيلياً مثل : الإيجاب والقبول اللفظيين المتعاقبين الصادرين من بالغ عاقل ، فعندئذ يكون عدم اعتبار جزء من أجزاء هذا المعتبر اختلافاً في نفس المعتبر ، لا وحدة في المعتبر واختلافاً في المصداق.
أضف إلى ذلك أنّ التخطئة في المصداق إنّما تصحّ في الأُمور التكوينية التي يكون لها واقع محفوظ فبالقياس إليه يشار إلى أنّ هذا مصداق له وذاك ليس بمصداق كقوله « الفقاع خمر ، هي خمرة استصغرها الناس ». (٢)
وأمّا الأُمور الاعتبارية التي لا واقع محفوظ لها ، وانّ محورها نفس الاعتبار ، فلا يصحّ لمعتبِـر أن يخطِّئ اعتبار معتبر آخر. لأنّ لكلّ معتبر سلطاناً في عالم الاعتبار حسب معاييره.
الرابع : قد عرفت أنّ النزاع في وضع ألفاظ المعاملات للصحيح أو الأعم إنّما يأتي على القول بوضعها للأسباب دون المسببات إذ الأُولى توصف بالصحّة عند اجتماع جميع أجزائها وبالصحّة عند فقدان بعضها ، فعلى ذلك فهي قابلة
__________________
١ ـ كفاية الأُصول : ١ / ٤٩.
٢ ـ الكافي : ٦ / ٤٢٣ ، باب الفقاع ، الحديث ٩١.