فلا نقول به في المقام لما عرفت من أنّه ليس للشارع دور في اختراع المعاملات ولا أسبابها ولا في وضع ألفاظها لها ، بل كلّها بيد العرف غير أنّ الشارع إذا تكلم إنّما يتكلم بلسان العرف ، فإذا أمضى العنوان الذي هو اسم للسبب الصحيح عرفاً يكون معناه أنّه كذلك عند الشرع ، فإذا شكّ في سببية شيء كعقد غير البالغ ، فلو كان سبباً عرفاً نستكشف انّه أيضاً سبب شرعاً ، أخذاً بحديث المرآتيّة ، وإلاّ كان عليه التصريح بعدم السببية كما صرح في باب الطلاق وعيّن السبب المعيّن وهو أن يقول المطلّق : « أنت طالق ».
المقام الثاني : إذا قلنا بوضعها للمسببات ، أعني : الملكية الحاصلة من العقد ، وعلقة الزوجية الحاصلة من الإيجاب والقبول ، فشككنا في صحّة واحد من المعاملات ، فالشك في الصحّة يتجلّى على قسمين ، فتارة يكون الشكّ نابعاً من احتمال خروج عنوان عن الإطلاقات ، وأُخرى يكون الشكّ نابعاً من جزئية شيء أو شرطيّته في أسبابها.
أمّا الأوّل : فيجوز التمسّك بالإطلاقات والأدلّة الإمضائية ، لأنّ الشرع إذا أمضى المسبب العرفي وكان الفرد المشكوك واجداً للمسبب حسب نظر العرف ، فبحكم الإطلاق يحكم ببقاء الفرد المشكوك تحته. كما إذا شكّ في خروج البيع الربوي في غير المكيل والموزون كالمعدود والمذروع والمشاهد عن تحت إطلاق قوله تعالى : ( أحل اللّه البيع ) فيحكم ببركة إطلاق الأدلة الإمضائية بعدم خروجها عن المسبب الممضى على وجه الإطلاق.
وأمّا الثاني : إذا كان الشكّ في صحّة المسبب نابعاً من احتمال مدخلية شيء في السبب كمدخلية البلوغ في العاقد ، وتقدّم الإيجاب على القبول في العقد ، فالشكّ في صحة النكاح والبيع بالمعنى المسببي ، نابع عن شرطية البلوغ أو تقدّم