ولكن الظاهر أنّ مراد القائل هو كثرة المعاني لا كونها غير متناهية حقيقة.
نعم ما ذكره من الأجوبة الثلاثة عقيب هذا الجواب هو الصحيح ، قال :
١. إنّ المعاني على فرض تناهيها ، لا تمس الحاجة إلاّ بالقدر المتناهي منها ، لأنّ الأغراض المتداولة بين العقلاء متناهية.
٢. مع أنّه يكفي الوضع للمفاهيم الكلية وإرادة الجزئيات بالقرائن.
٣. انّ طريق التفهيم لا ينحصر بطريق الحقيقة ، بل يكفي إفهام المعاني بطريق المجاز ، وهو باب واسع. (١)
ويمكن أن يجاب أيضاً بأنّ الألفاظ كالمعاني غير متناهية عرفاً ، وذلك بسبب تلفيق الحروف الهجائية بعضها مع بعض لا سيما إذا أُضيف إليها الاختلاف في الحركات فلا تكون الألفاظ أقلّ عدداً من المعاني المطروحة للعقلاء.
الظاهر أنّ منشأ الاشتراك هو تشتت الناطقين باللغة العربية ، حيث كانت طائفة تعبّر بلفظ خاص عن معنى ، وطائفة أُخرى تعبّر به عن معنى آخر من دون أن تطّلع على ما في حوزة الأُخرى من أوضاع ، فلما قام علماء اللغة بجمع لغات العرب من أفواه القبائل العربية ظهر الاشتراك اللفظي.
وهناك عامل آخر أقلّ تأثير من العامل الأوّل وهو ظهور الاشتراك في ظل كثرة الاستعمال في معنى مجازي إلى حدّ يصير حقيقة كما في لفظ « الغائط » فانّه موضوع للمكان الذي يضع فيه الإنسان ، ثمّ كنّى به القرآن عن فضلته إلى أن صار حقيقة.
__________________
١ ـ كفاية الأُصول : ١ / ٥٣.