استدلّ المحقّق الخراساني على الامتناع بأنّ الاستعمال ليس مجرّد جعل اللفظ علامة للمعنى حتى يصحّ جعل اللفظ الواحد علامة لشيئين ، بل الاستعمال إفناء اللفظ في المعنى ، فإذا كان فانياً في أحد المعنيين ، فافناؤه في المعنى الثاني يحتاج إلى لحاظ اللفظ بغير اللحاظ الأوّل ، والمفروض انتفاؤه ، قال في « الكفاية » :
حقيقة الاستعمال ليس مجرّد جعل اللفظ علامة لإرادة المعنى ، بل جعله وجهاً وعنواناً له ، بل بوجه نفسه ، كأنّه الملقى ، ولذا يسري إليه قبحه وحسنه كما لا يخفى ، ولا يكاد يمكن جعل اللفظ كذلك إلاّ لمعنى واحد ، ضرورة انّ لحاظه هكذا في إرادة معنى ، ينافي لحاظه كذلك في إرادة الآخر ، حيث إنّ لحاظه كذلك ، لا يكاد يكون إلاّ بتبع المعنى فانياً فيه فناء الوجه في ذي الوجه والعنوان في المعنون ، ومعه كيف يمكن إرادة معنى آخر معه كذلك في استعمال واحد ، مع استلزامه للحاظ آخر ، غير لحاظه كذلك في هذا الحال؟! (١)
يلاحظ عليه : أنّه إن أُريد من الإفناء ، المعنى الحقيقي بأن يتبدّل اللفظ إلى المعنى وتذهب فعلية اللفظ ، فهو غير صحيح ، ولا يلتزم به القائل ، وإن أُريد أنّ الغرض الذاتي يتعلّق بالمعنى دون اللفظ ، فالتالي غير ممتنع ، إذ أي مانع من أن يتعلّق الغرض الذاتي بمعنيين وينظر إليهما بلفظ واحد ملحوظ بلحاظ فارد.
استدلّ المحقّق العراقي بأنّ وضع اللفظ للمعنى ليس جعله علامة عليه
__________________
١ ـ كفاية الأُصول : ١ / ٥٤ ، المطبوع بحاشية المشكيني رحمهالله.