على نحو الاستقلال ، تعلّق اللحاظ الاستقلالي بكلّ واحد منهما في آن واحد ، كما إذا لم يستعمل اللفظ إلاّ فيه ، ومن الواضح أنّ النفس لا تستطيع أن تجمع بين اللحاظين المستقلين في آن واحد. (١)
وهذا التقرير يغاير التقريرين السابقين ، فانّ الأوّل كان يركّز على أنّ الاستعمال رهن لحاظ ثان وهو غير موجود ، كما أنّ الثاني يركز على أنّ لازم الاستعمال اجتماع لحاظين آليين في شيء واحد.
وهذا التقرير يركز على أنّ النفس ليس بمقدورها ملاحظة معنيين بحيالهما واستقلالهما.
يلاحظ عليه : أنّ الممتنع هو اجتماع لحاظين مستقلين في آن واحد في معنى واحد ، لأنّه أشبه باجتماع المثلين.
وأمّا تعلّق اللحاظين المستقلين بمعنيين في آن واحد كما في المقام فليس يمتنع ، والشاهد على ذلك انّ النفس تستخدم العين والسمع والذائقة والشامة في آن واحد ويكون مدركات كلّ منها ملحوظة بالاستقلال أيضاً.
استدلّ المحقّق الاصفهاني في تعليقته بأنّ حقيقة الاستعمال إيجاد المعنى في الخارج باللفظ ، حيث إنّ وجود اللفظ في الخارج ، وجود لطبيعي اللفظ بالذات ، ( تكويناً ) ووجود لطبيعي المعنى بالجعل والمواضعة والتنزيل ، لا بالذات ، ولا يعقل أن يكون وجود واحد وجوداً لماهيتين بالذات ، وحيث إنّ الموجود الخارجي ( اللفظ ) بالذات واحد ، فلا مجال لأن يقال : انّ وجود اللفظ وجود لهذا المعنى
__________________
١ ـ المحاضرات : ١ / ٢١٧ ولاحظ أجود التقريرات : ١ / ٥١ والمذكور في الثاني لا يخلو من إجمال.