الرابع : قد ورد في الروايات أنّ للقرآن تنزيلاً وتأويلاً ، وأنّ لآياته ظهراً وبطناً ، فربّما استدلّ القائل بجواز استعمال المشترك في معنيين بهذه الروايات بذريعة أنّ التأويل غير التنزيل ، والبطن غير الظهر.
ولكن الظاهر انّه لا صلة لهذه الروايات بمحل النزاع ، وإليك التفصيل.
أمّا التأويل فيستعمل في موردين :
الأوّل : تأويل خصوص المتشابه.
الثاني : تأويل الآيات القرآنية.
أمّا الأوّل فقد أشار إليه سبحانه بقوله : ( هُوَ الَّذِي أنْزلَ عَلَيْكَ الكِتابَ مِنْهُ آياتٌ مُحْكَماتٌ هُنَّ أُمُّ الكِتاب وَأُخَرُ مُتَشابِهاتٌ فَأَمّا الَّذِينَ في قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ ما تَشابَهَ مِنْهُ ابْتِغاءَالْفِتْنَة وَابْتِغاءَ تَأْويلِهِ وَما يَعْلَمُ تَأْويلَهُ إِلاّ اللّهُ وَالرّاسِخُونَ فِي العِلْمِ يَقُولُونَ آمَنّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنا وَما يَذَّكَّر إِلاّ أُولُوا الأَلْباب ). (١)
فالتأويل من آل ، يؤول : رجع ويرجع في هذه الآية بمعنى إرجاعها إلى ما هو المراد الواقعي ، فانّ للآيات المتشابهة ظهوراً غير مستقر ، فالذين في قلوبهم زيغ يتبعون الظهور المتزلزل ابتغاء الفتنة ، وأمّا غيرهم فيتأمّلون فيها ويرجعون الآية في ظل الآيات المحكمة إلى ما هو المراد واقعاً ويستقر بذلك ظهورها.
مثلاً قد وردت آيات حول صفاته سبحانه التي تسمّى بالصفات الخبرية كاليد والوجه والعين ، والاستواء على العرش ، إلى غير ذلك من الآيات التي لها ظهور بدوي وهو ظهور غير مستقر ، وظهور نهائي وهو ظهور مستقر.
أمّا الظهور البدوي فهو أنّ للّه سبحانه أعضاء كأعضاء الإنسان ، واستقراراً على العرش كاستواء الإنسان على السرير.
__________________
١ ـ آل عمران : ٧.