الظاهر أنّ النزاع في المقام لغوي ، والبحث في حدود الموضوع له ، وانّ الواضع هل وضعه لخصوص المتلبّس بالمبدأ أو وضعه للأعم منه وممن تلبّس به آناً ما وإن زال عنده؟ والدليل على أنّه لغوي هو استدلال الطرفين بالتبادر وصحّة السلب وعدمه ، ولو كان النزاع عقلياً لما كان لهذه الاستدلالات وجه ، خلافاً لصاحب المحجة حيث ذهب إلى أنّ النزاع عقلي ، وانّه لا خلاف في المفهوم والمعنى ، بل الاختلاف في الحمل ، فانّ القائل بعدم صحّة الإطلاق على من انقضى عنه المبدأ يرى وحدة سنخ الحمل في المشتقات والجوامد ، فكما لا يصحّ إطلاق الماء على البخار بعد ما كان ماءً ، كذلك لا يصحّ إطلاق المشتق على ما زال عنه المبدأ بعد تلبّسه به ، والقائل بصحّته يدّعي تفاوت الحملين ، فانّ الحمل في الجوامد « حمل هو هو » ، فلا يصحّ أن يقال للهواء ماء ، والحمل في المشتقات « حمل ذي هو » و « حمل انتساب » ويكفي في الانتساب مجرّد الخروج من العدم إلى الوجود فيصحّ الحمل على المتلبّس ومن انقضى عنه المبدأ.
حاصله : انّ المفهوم واحد عند الطرفين ، والقائل بالمجازية يدّعي كون الحمل في الجامد والمشتق حمل مواطاة ، والقائل بالحقيقة يقول إنّ الحمل في الجامد مواطاة وفي المشتق « حمل ذي هو ».
يلاحظ عليه : أنّه لا معنى للنزاع في صحّة الإطلاق وعدمه عقلاً إذا تسالموا على المفهوم ، والمعنى بداهة بطلان عدِّ ما كان واجداً للمبدأ ثمّ صار فاقداً ، من مصاديقه بحسب نفس الأمر ، لأنّ الصدق والجري يدور مدار الواجدية ومعه لا وجه له.