الحدث فيما سبق ، والمضارع على تحقّقه فيما يأتي أو الحال ، وصيغة الأمر تدلّ على الطلب في زمان الحال حتى أنّ ابن الحاجب عرّف الفعل بقوله : ما دلّ على معنى في نفسه مقترناً بأحد الأزمنة الثلاثة. (١)
ولكن المشهور بين الأُصوليين المتأخّرين عدم دلالته على الزمان ، واستدلّوا عليه بوجوه غير تامّة ، وإليك سردها :
الأوّل : انّ المادة في الأفعال تدلُّ على نفس الحدث ، والهيئة على نسبة الحدث إلى الفاعل ، فما هو الدال على الزمان؟
يلاحظ عليه : بأنّ الدالّ عليه ـ عند القائل بدلالة الفعل على الزمان ـ هي الهيئة التي تدلّ على نسبة الحدث إلى الفاعل في زمان خاص كما سيوافيك بيانه.
الثاني : النقض بصيغة الأمر والنهي ، فانّ مدلولهما إنشاء طلب الفعل أو الترك ، غاية الأمر أنّ نفس الإنشاء بهما متحقّق في الحال وهو غير القول بدلالتهما عليه.
يلاحظ عليه : بوجود الفرق بين المقيس والمقيس عليه ، فانّ الأفعال من قبيل الإخبار الملازم للزمان لكونه ينبئُ عن فعل محقّق أو سيتحقق في المستقبل ، بخلاف الأمر والنهي فانّهما من مقولة الإنشاء ، ولا يلازم مدلولُ الإنشاء الزمانَ.
أضف إلى ذلك انّ القائل بالفورية في كلتا الصيغتين يقول بدلالة الأمر والنهي على الزمان الحاضر.
الثالث : لو دلّ على الزمان لما صحّ اسناده إلى نفس الزمان ، كما في قوله « مضى الزمان » وإلاّ لزم أن يكون للزمان زمان. ولما صحّ اسناده إلى المجرّد من دون فرق بين أن يكون المجرّد فاعلاً كما في قولك : « علم اللّه » ، فانّ فعله فوق
__________________
١ ـ شرح الكافية : للرضي : ١ / ١١.