منشأ الانتزاع هو حيثية الفقدان والوجدان ، بل منشأ الانتزاع في كلا الموردين حيثية الوجدان ، لأنّ القائل بالأعم يقول بأنّ ثبوت المبدأ للذات آناً ما في التكوين يوجب اتصاف الذات بحيثية ( تعنونها بمن ثبت له المبدأ ) كافية في انتزاع المفهوم عن الذات في كلتا الحالتين ، وذلك لأنّ الحيثية الاعتبارية المصححة للانتزاع موجودة دائماً وإن زال عنه المبدأ ، فالعنوان البسيط المنحل إنّما ينتزع من هذه الحيثية الوجودية المتحقّقة في المنقضي والمتلبس ، فالمعنى الجامع منتزع من الواجد على كلا القولين لا من الواجد والفاقد.
هذه هي الأُمور العشرة التي تسلط الضوء على البحث ، فإذا فرغنا عن بيانها فلندخل في صلب الموضوع ، وهو أنّ الحقّ أنّ المشتق موضوع للمتلبّس بالمبدأ.
إنّ القوم استدلّوا على كون المشتق موضوعاً للمبدأ بوجوه سيوافيك بيانها : ولكن الأولى أن يستدلّ عليها بطريق أسهل وهو ما يلي :
وهو أنّ الإمعان في الصيغ يثبت أنّ الواضع يريد توارد المعاني المختلفة على المبدأ وتصوير المبدأ بألوان النسب بينه وبين الذات ، فتارة يلاحظ المبدأ بما أنّه منتسب إلى الذات بالصدور عنها ، وأُخرى بالوقوع على الذات ، وثالثة بثبوته فيها كما في الصفة المشبهة ، ورابعة بملاحظة الزمان والمكان ظرفاً للمبدأ وهكذا ، فالمشتق هو المبدأ الملحوظ مع الذات بنسب وإضافات مختلفة ، وما هذا شأنه يكون المحور هو المبدأ لا الذات ، فالنسب المختلفة المتداولة تصاغ من المبدأ وتضاف إلى الذات.
وإن شئت قلت : إنّ الواضع يتلاعب بالمبدأ من خلال صياغته في قوالب