هل يجب أن يكون لكلّ علم موضوع خاص يبحث عن عوارضه الذاتية أو لا؟ فيه أقوال :
١. لزوم وجود الموضوع ، وهو الظاهر من القدماء من تعريفهم موضوع العلم.
٢. عدم لزوم وجود الموضوع لكلّ علم ، وذلك لأنّ كلّ علم عبارة عن عدّة مسائل متشتتة يجمعها اشتراكها في حصول غرض واحد ، ولا يحتاج وراء ذلك إلى وجود موضوع يبحث عن أعراضه الذاتية.
قال المحقّق الإصفهاني : إنّ العلم عبارة عن مركب اعتباري من قضايا متعددة يجمعها غرض واحد. (١)
٣. القول بالتفصيل بين العلوم الحقيقية والاعتبارية بلزوم وجود الموضوع في الأُولى دون الثانية ، وهو خيرة العلاّمة الطباطبائي. (٢)
استدلّ للقول الأوّل بقاعدة « الواحد لا يصدر إلاّ من واحد » ببيان أنّ الغرض الواحد المترتب على مجموع المسائل يتوقف على وجود جامع بينها وإلاّ يلزم صدور الواحد عن الكثير.
يلاحظ عليه : أنّ القاعدة على فرض صحّتها مختصة بالواحد البسيط الذي ليس فيه رائحة التركيب ، كالعقل الأوّل ، بناء على أنّه إنيُّ الوجود ، فهو لا يصدر إلاّ عن الواحد ، وذلك لأنّه يجب أن يكون بين العلة والمعلول رابطة بها يصدر المعلول عن العلة ، وإلاّ فلو صدر من دون وجود صلة بينهما يلزم أن يصدر كلّ
__________________
١ ـ نهاية الدراية : ١ / ٧.
٢ ـ لاحظ الأسفار ، قسم التعليقة : ١ / ٣٠ ـ ٣١.