لكُنّا في غنى عن عقد مسألة باسم « ما الفرق بين المبدأ والمشتق » لأنّ الفرق جوهري واضح لا حاجة إلى البيان.
نعم لو قلنا بمقالة الشريف أي بخروج الذات عن المشتق ، ابتداء وتحليلاً ، وانّ مفاد المشتق نفس مفاد المبدأ جوهراً ، لزم عقد مسألة باسم الفرق بينهما ، ولذلك عمد القائل إلى بيان الفرق.
قال في « الكفاية » : الفرق بين المشتق ومبدئه مفهوماً أنّه بمفهومه لا يأبى عن الحمل على ما تلبّس بالمبدأ ، ولا يعصي على الجري عليه لما هما عليه من نحو من الاتحاد.
بخلاف المبدأ فانّه بمعناه يأبى عن ذلك ، بل إذا قيس ونسب إليه كان غيره لا هو هو ، وملاك الحمل والجري إنّما هو نحو من الاتحاد والهوهوية ، وإلى هذا يرجع ما ذكره أهل المعقول في الفرق بينهما من أنّ المشتق يكون لابشرط والمبدأ يكون بشرط لا. أي لا يكون مفهوم المشتق غير آب عن الحمل ومفهوم المبدأ يكون آبياً عنه.
ثمّ إنّهم شبّهوا الفرق بين المشتق والمبدأ بالفرق بين الجنس والمادة ، فهما اسمان لشيء واحد كالحيوان ، غير أنّه بما أنّه لابشرط يسمّى جنساً ويحمل على النوع ، ويقال : الإنسان حيوان ، وبما أنّه بشرط لا ، مادة فلا يحمل على الإنسان.
ومثله الناطق فهو باعتبار كونه لابشرط فصل ، وباعتبار كونه بشرط لا صورة.
هذا خلاصة ما ذكره المحقّق الخراساني وهو من الإجمال بمكان.
وتوضيحه : أنّ اللابشرط وبشرط لا ، يستعمله أهل المعقول في موردين :
الأوّل : أحدهما لحاظ مفهوم واحد تام بالنسبة إلى عوارضها وطوارئها