إنّ الماهية قد تؤخذ بشرط لا ، بأن يتصور معناها بشرط أن يكون ذلك المعنى وحده بحيث يكون كلّ ما يقارنه زائداً عليه ، فيكون جزءاً لذلك المجموع مادة له ، فيمتنع حمله على المجموع ( الإنسان ) لانتفاء شرط الحمل ، وقد تؤخذ لابشرط ، بأن يتصوّر معناها مع تجويز كونه وحده ، وكونه لا وحده ، بأن يقترن مع شيء آخر فيحمل على المجموع ، والماهية المأخوذة كذلك قد تكون غير محصلة بنفسها في الواقع ، بل يكون أمراً محتملاً للمقولية على الشيء مختلفة الماهيات ( كما هو شأن الجنس ) ، وإنّما يتحصل بما ينضاف إليها فيتخصص به ويصير بعينها أحد تلك الأشياء فيكون جنساً والمنضاف إليه الذي قومه وجعله أحد تلك الأشياء فصلاً. (١)
إلى هنا أوضحنا ما ذكره صاحب الكفاية ، كما أوضحنا مقصود صاحب الفصول وعدم تمامية كلامه ، غير أنّ الواجب إيضاح ما ذكره أهل المعقول حول كون الحيوان جنساً تارة ومادة أُخرى وكذلك الناطق فصلاً وصورة.
والذي يمكن أن يقال في المقام ( والتفصيل موكول إلى محله ) هو أنّ الحد كالحيوان الناطق ، بالنسبة إلى المحدود كالإنسان يلاحظ على وجهين :
الأوّل : أن يلاحظ كلّ من المفهومين على وجه الإبهام والإجمال من دون أن يكون لها مفهوم تام ، فيلاحظ الحيوان بما انّه جسم نام حساس متحرك بالإرادة الذي يصلح لأن يشكّل أحد الأنواع كالإنسان والفرس ، فعندئذ إذا نسب إلى الإنسان أو غيره من الأنواع يكون نفس النوع ، لا جزءاً من النوع ، إذ معنى ذلك أن الحيوان في حركته الجوهرية يصل إلى مقام الإنسانية ، وعندئذ يتّحد مع الناطق ، وفي هذا اللحاظ لا يعد الحيوان جزءاً ( للمحدود ) ولا الناطق كذلك ، بل تُتناسى الجزئية لما عرفت من أنّ الجنس في هذا اللحاظ يتحصّل بالناطق ويكون نفس
__________________
١ ـ المنظومة : قسم الحكمة : ٩١. نقلاً عن الشيخ الرئيس.