وكان عليه قدسسره الإشارة إلى نكتة مهمة وهي ما هو السبب لطرح هذه المسألة؟ أي : وحدة الطلب والإرادة أو تعددهما.
ولأجل إزاحة النقاب عن وجه الحقيقة يلزم البحث في النقاط التالية :
أ. ما هو السبب لطرح هذه المسألة في علم الكلام؟
ب. ما هو المراد من الكلام النفسي الذي أعقب طرحَ تلك المسألة؟
ج. الأدلة الأربعة للأشاعرة على إثبات الكلام النفسي ونقدها.
د. ما معنى كونه سبحانه متكلّماً عند المعتزلة والإمامية؟
هـ. ما هو موقفنا من المسألة المطروحة : وحدة الطلب والإرادة؟
وإليك البحث فيها واحدة تلو الأُخرى.
ربّما يسأل الإنسان نفسَه عما هو السبب لطرح مسألة وحدة الطلب والإرادة ( كما عليه الإمامية والمعتزلة ) أو تعددهما ( كما عليه الأشاعرة ) وما دور تلك المسألة في علم الكلام؟
ويعلم السبب من خلال الوقوف على سيرها التاريخي.
إنّ صفاته سبحانه تنقسم إلى ذاتي وفعلي ، والمائز بينهما هو أنّ الأوّل أُحادي التعلّق ، بمعنى أنّه لا يقبل النفي والإثبات ، وهذا كالعلم والقدرة ، فهو سبحانه يعلم ويقدر على الإطلاق ولا يصحّ أن يقال ولو في مورد خاص لا يعلم ولا يقدر عليه ، وهذا بخلاف صفات الفعل المنتزعة من إيجاده سبحانه وخلقه ، فهي ثُنائية التعلّق ، أي تقبل النفي والإثبات ويقال : يُحيي ولا يحيي ، يميت ولا يميت ، يخلق ولا يخلق ، ولو باعتبار تعلّق أحدهما بموجود والآخر بغيره.