ذهب الأكثر إلى أنّها ظاهرة في الوجوب واختلفوا في منشأ هذا الظهور إلى وجوه.
الأوّل : دلالة الهيئة على الوجوب بالدلالة اللفظية الوضعية.
يلاحظ عليه : بأنّ الموضوع له لصيغة الأمر كما مرّ هو البعث الإنشائي وليس الوجوب داخلاً في حقيقته ولا الندب ، وقد عرفت أنّها من المفاهيم الانتزاعية من الطلب المقرون بالإرادة الشديدة أو الضعيفة. وعندئذ فكيف تدل الصيغة بالدلالة اللفظية على الوجوب؟
الثاني : انصراف الصيغة إلى الوجوب.
يلاحظ عليه : بأنّ الانصراف إمّا لكثرة الوجود ، أو كثرة الاستعمال ، والوجوب والندب متساويان في هذين الأمرين فقد استعملت صيغة الأمر في الندب كثيراً كما أنّ مصاديقه أيضاً متوفرة.
الثالث : انّ الوجوب مقتضى مقدّمات الحكمة ، وهو خيرة المحقّق العراقي في « بدائع الأفكار ». (١)
وحاصل مرامه بتوضيح منّا : انّه إذا كان لحقيقة واحدة فردان يتوقّف تفهيم أحدهما على بيان زائد دون الفرد الآخر فيحمل بمقتضى كون المتكلّم حكيماً على الفرد الذي لا يحتاج بيانه إلى أمر زائد ، مثلاً : الرقبة لها قسمان :
أ. مطلق الرقبة سواء كانت كافرة أو مؤمنة.
ب. الرقبة المؤمنة.
__________________
١ ـ بدائع الأفكار : ١ / ٢١٤.