نعم لا يكفي الإتيان بالعمل لأجل المصالح الدنيوية كالصحة في الصوم والتجارة في الحجّ والرياضة في الصلاة ، لأنّ الإتيان لأجل هذه الغايات لا يضفي للعمل عنوان العبادة.
وعلى ضوء ذلك فالعبادة عبارة عن إتيان العمل بواحد من هذه الغايات.
ثمّ إنّه ربّما يتصور أنّ هناك أُموراً تعد من العبادات الذاتية ، وهي التي تعدّ من مظاهر التعظيم والتقديس بين عامّة الشعوب.
يلاحظ عليه : أوّلاً : بأنّ السجود لو كان عبادة ذاتية ، فكيف أمر اللّه سبحانه الملائكة بالسجود لآدم ، أو كيف سجد يعقوب وأولاده لولده يوسف ، قال سبحانه : ( فَإِذا سَوَّيتُهُ وَنَفَخْتُ فيهِ مِنْ رُوحي فَقَعُوا لَهُ ساجِدين ) (١) وقال أيضاً : ( وَخَرُّوا لَهُ سُجّداً ). (٢)
وثانياً : انّ كونهما من مظاهر التقديس والتعظيم إنّما هو بالجعل والاعتبار بشهادة انّه يمكن أن يجعل الركوع أمام الشخص آية التحقير والإهانة.
العبادة عبارة عن الخضوع بالجوارح نابعاً عن الاعتقاد بأُلوهية المخضوع له ، أو ربوبيته ، والمراد من الأُلوهية هو الاعتقاد بأنّ المخضوع له إله العالم أو يملك شيئاً من أفعاله من الإمطار والغفران و ... ، وعلى ذلك فالعبادة متقوّمة بعنصرين : عنصر ظاهري وهو الخضوع عملاً ، وعنصر باطني وهو الاعتقاد بكون المخضوع له إلهاً أو ربّاً. (٣)
__________________
١ ـ الحجر : ٢٩.
٢ ـ يوسف : ١٠٠.
٣ ـ لاحظ للمزيد من التفصيل كتاب مفاهيم القرآن : ١ ، فصل التوحيد في العبادة.