واستدلّوا على امتناع الأخذ في المتعلّق بوجوه نذكرها تباعاً ، ونقدّم ما ذكره صاحب الكفاية أوّلاً ثمّ نعرّج على ما ذكره الآخرون.
إنّ أخذ « قصد الأمر » في المتعلّق يستلزم التكليف بغير المقدور ، فإذا افترضنا أنّ الموضوع قبل الأمر هو « الصلاة مع قصد الأمر » فهو فعل غير مقدور قبل الأمر ، فكيف يأمر بشيء غير مقدور قبله مع أنّه يشترط تعلّقه بالمقدور؟
يلاحظ عليه : أنّه يشترط كون المتعلّق مقدوراً حين الامتثال لا حين الأمر ، والمفروض أنّه بعد الأمر يصير امتثاله أمراً ممكناً.
إنّ الأمر لا يدعو إلاّ إلى متعلقه ، والمتعلّق هاهنا هو الشيء المقيّد بقصد الأمر ، فنفس الصلاة مثلاً لا تكون مأموراً بها حتى يقصد المأمور امتثال أمرها ، والدعوة إلى امتثال المقيّد محال ، للزوم كون الأمر داعياً إلى داعوية نفسه ومحرّكاً لمحرّكية نفسه.
وإلى ذلك يشير صاحب الكفاية بقوله : لا يكاد يمكن الإتيان بها بداعي أمرها لعدم الأمر بها ، فانّ الأمر حسب الفرض تعلّق بها مقيّداً بداعي الأمر ولا يكاد يدعو الأمر إلاّ إلى ما تعلّق به لا إلى غيره. (١)
وحاصل الاستدلال : أنّ الأمر إمّا يدعو إلى امتثال نفس الصلاة ، وهي ليست متعلّق الأمر ، وإمّا يدعو إلى امتثال المركب من الصلاة وقصد الأمر ، وهو
__________________
١ ـ كفاية الأُصول : ١ / ١٠٩.