قد عرفت أنّ حكم الأصل العقلي هو البراءة ، وأمّا حكم الأصل الشرعي فهو أيضاً كالعقلي على ما اخترنا من إمكان أخذه في المتعلّق بطرق مختلفة ، فإذا شككنا في جزئيته أو شرطيته فيكون ممّا لا يعلمون ، فيرفع بحديث الرفع.
ثمّ إنّ المحقّق الخراساني لما بنى على عدم إمكان أخذه في المتعلّق ذهب في المقام إلى عدم جريان البراءة الشرعية قائلاً :
بأنّه لابدّ في عمومها لشيء من كونه قابلاً للرفع والوضع ، وليس المقام كذلك ، فانّ دخل قصد القربة ونحوها في الغرض ليس بشرعي ، بل واقعي ، ودخل الجزء والشرط فيه وإن كان كذلك ، إلاّ أنّهما قابلان للوضع والرفع شرعاً. فبدليل الرفع ـ ولو كان أصلاً ـ يكشف أنّه ليس هناك أمر فعلي بما يعتبر فيه الشكوك ، يجب الخروج عن عهدته عقلاً ، بخلاف المقام ، فانّه علم بثبوت الأمر الفعلي وشكّ في كيفية الخروج. (١)
يلاحظ عليه : بأنّ ما ذكره مبني على امتناع أخذه في المتعلّق مطلقاً ، فعندئذ يكون دخله في الغرض تكوينياً لا جعلياً ، والأمر التكويني غير قابل للوضع والرفع.
ثمّ إنّ المحقّق الخراساني أشار في ذيل كلامه إلى وجود الفرق بين المقام والشكّ في الجزئية والشرطية ، بعد اشتراكهما في أنّ مدخلية الجزء والشرط أمر عقلي ، ولكنّه في غير قصد الوجه قابل للرفع والوضع ، فلأجل ذلك يشمله حديث الرفع بخلاف المقام.
__________________
١ ـ كفاية الأُصول : ١ / ١١٤ ـ ١١٦.