العلة التشريعية تقتضي عدم انفكاكها عن معلولها في الخارج. (١)
وضعفه ظاهر ، فانّ عدم الانفكاك في التكوين ، لا يكون دليلاً على عدم انفكاكه في التشريع ، فانّ نظام العلّة والمعلول ، نظام الضرورة فوجود المعلول بعد العلة أمر ضروريّ لا محيص عنه ، وهذا بخلاف نظام التشريع فانّه نظام الاعتبار والفرض فيتبع كيفية الاعتبار ، فلو اعتبر البعث غير منفك عن الانبعاث التشريعي ، فلا محيص عن الفورية ، وإن اعتبره منفكاً عنه فلا محيص عن التأخير ، وإن اطلق ، يحتمل الأمران ، فوزان الزمان كوزان المكان وسائر القيود ، لا يتكفّل لبيانها نفس البعث بل لابدّ من دليل آخر.
وما ذكرناه لا ينافي ما تقدّم من أنّ الإطلاق يساوق الفورية وانّ التراخي رهن البيان الزائد ، وذلك لأنّ ما ذكرناه مبني على أنّ الفورية هو متلقى العرف في دائرة المولوية والعبودية ، من دون حاجة إلى قياس علل التشريع ـ كالأمر ـ بالعلل التكوينية كما عليه هذا البيان.
وأمّا الثاني أي الاستدلال بالأدلة الخارجية فقد استدلّوا بآيتين :
قال سبحانه : ( وَسارِعُوا إِلى مَغْفِرَة مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنّة عَرْضُهَا السَّموات وَالأَرضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقين ). (٢)
والدلالة مبنية على بيان أمرين :
١. انّ الأمر في « سارعوا » للوجوب فتكون المسارعة واجبة.
٢. انّ المغفرة من أفعاله سبحانه ولا يمكن التسارع إليها فيكون قرينة على
__________________
١ ـ كتاب الصلاة ، باب قضاء الفوائت : ٣٩٢ ، ط١٣٥٢ هـ.
٢ ـ آل عمران : ١٣٣.