فيها ما أحدثا ، والأُخرى عليهما عقوبة ». (١)
فما حكي عن أبي هاشم الجبائي ( المتوفّـى٣٢١ هـ ) والقاضي عبد الجبار ( المتوفّى ٤١٥ هـ ) المعتزليين من عدم اقتضاء الإتيان بالمأمور به للإجزاء مستدلاً بإعادة الحجّ على من أفسد ، فكأنّه في غير محلّه ، إذ العالم بالحرمة ما أتى بالواجب على وجهه ، والجاهل وإن أتى على وجهه ، لكن الحجّ الثاني عقوبة وليس امتثالاً للأمر الأوّل.
ثمّ إنّ المحقّق الخراساني قد وافق المشهور في أنّ الإتيان بالمأمور به على ما هو عليه يوجب الإجزاء ، ولكنّه ذهب أيضاً إلى أنّ للعبد تبديل امتثال بامتثال آخر ، والقولان بظاهرهما متناقضان ، فانّ الإجزاء يلازم سقوط الأمر ، ومعه لا يبقى موضوع للامتثال الثاني ، فانّ مفاده هو الإتيان بالشيء بقصد أمره السابق والمفروض انّه قد سقط ، فكيف يمكن القول بالجمع بالإجزاء الذي يلازم سقوط الأمر بتاتاً وتبديل امتثال بامتثال آخر وهو يستلزم بقاء الأمر الأوّل وهو كما ترى؟
هذا هو الإشكال الواضح على الكفاية لكنّه قدسسره حاول الجمع بين القولين ( الإجزاء وتبديل امتثال بامتثال آخر ) وأفاد في وجهه : بأنّه ربّما لا يكون مجرّد امتثاله علّة تامة لحصول الغرض ، وإن كان وافياً به لو اكتفى به ، كما أنّه إذا أتى بماء أمر به مولاه ليشربه فلم يشربه بعد ، فانّ الأمر بحقيقته وملاكه لم يسقط بعدُ ، ولذا لو أُهرق الماء واطلع عليه العبد وجب عليه إتيانه ثانياً كما إذا لم يأت به أوّلاً ، ضرورة بقاء طلبه ما لم يحصل غرضه الداعي إليه وإلاّ لما وجب حدوثه ، فحينئذ يكون له
__________________
١ ـ الوسائل : ٩ ، الباب ٣ من أبواب كفارة الاستمتاع ، الحديث ٩.