وبعبارة أُخرى : انّ القواعد الأُصولية ما ينظر بها إلى الفقه ، وأمّا القواعد الفقهية فهي ما ينظر فيها ، وكم فرق بين النظر إلى الشيء بعنوان الآلية والوسيلة والنظر فيه بعنوان بما هو هو.
وثمة حديث منقول عن الإمام أمير المؤمنين علي عليهالسلام حيث قال في بيان نظر الإسلام إلى الدنيا : « من أبصر بها بصّـرته ، ومن أبصر إليها أعمته ». (١)
فلو طلب الدنيا لغاية نيل رضا اللّه سبحانه فهو طلب مرغوب ، وأمّا لو طلبها لنفسها دون أن تكون ذريعة إلى كسب الآخرة فهو طلب مرغوب عنه ، فالمطلوب من القواعد الأُصولية وقوعها في طريق الاستنباط لا أنّها مطلوبة في حدّ ذاتها ، وهذا ما يدفعنا إلى القول بتهذيب علم الأُصول والأخذ بما هو مقدمة للاستنباط ورفض ما ليس كذلك.
النقطة الثانية : وصفها بإمكان الوقوع لا حتميته ، وذلك ليدخل في التعريف الظنون غير المعتبرة كالقياس والاستحسان والظن الانسدادي عامّة ، فالجميع يمكن أن تقع في طريقه ، وإن لم يقع ، للنهي عن بعضها.
وهناك تعريف خامس ذكره ـ شخينا الأُستاذ ـ مدّ ظله في الدورة السابقة. فمن أراد فليرجع إلى المحصول.
وقد ذكرتْ بين المسائل الأُصولية والقواعد الفقهية فروق عديدة نقتصر على أهمها :
الفرق الأوّل : انّ المسائل الأُصولية لا تتضمن حكماً شرعيّاً ، خلافاً للقواعد
__________________
١ ـ نهج البلاغة : الخطبة ٨٢.