مقتضى جريان البراءة عند الشكّ في الجزئية والشرطية ، يكون المأتي به متعلّقاً للأمر الواقعي لأجل انسحاب الأمر عن الجزء المجهول واستقراره على ما سواه.
فإن قلت : إنّ القول بالإجزاء يستلزم التصويب ، لأنّ رفع اليد عن جزئية السورة في حقّ من قامت عنده الأمارة على عدم الجزئية يوجب اختصاص الحكم بالعالم دون الجاهل وهكذا سائر الموارد.
قلت : إنّ التصويب عبارة عن إنكار الحكم المشترك الإنشائي بين العالم والجاهل ، وهو موجود ، وانّ المرتفع هو فعلية الحكم أو تنجزه ، وهو ليس بمحذور ، وليس للقائل بعدم الاجزاء أيضاً القول بفعلية الحكم أو تنجزه في حقّ الجاهل.
فإن قلت : إنّ لازم إيجاب العمل على وفق الأمارة بما أنّها كاشفة هو عدم الإجزاء ، لأنّ لازم الكشف كون الواقع هو الميزان دون مؤدّى الأمارة وهو يناقض القول بالإجزاء الذي مقتضاه كون المحور مؤدى الأمارة. (١)
قلت : هذا ما استند إليه السيّد الأُستاذ في القول بعدم الإجزاء ، ولكنّه غير تام ، لأنّ إيجاب العمل على وفق الأمارة بما أنّها كاشفة غالباً لا دائماً ، ومثل هذا لا يستلزم أن يكون الملاك هو الواقع ، بل يستلزم كون الملاك هو الواقع الغالب وهو متحقّق ، فلا يلزم من القول بالكاشفية والإجزاء الجمع بين النقيضين.
وحصيلة الكلام : انّ الأمارات حجّة من باب الكاشفية النوعية ، والتعبّد بها لأجل هذا الملاك ، وهذا الملاك موجود في عامة الموارد هذا من جانب ، ومن جانب آخر وجود الملازمة العرفية بين الأمر بالعمل على وفق الأمارة وبين اجتزاء المولى بما أدّت إليه الأمارة وإن خالفت في بعض الموارد.
ولذلك قوّى شيخنا الأُستاذ ـ دام ظلّه ـ في كافة دوراته الأُصولية كون
__________________
١ ـ تهذيب الأُصول : ١ / ١٩١.