العمل بالأمارات في إثبات الجزئية والشرطية والمانعية أو نفيها موجباً للإجزاء وإن خالف الواقع. وليس هذا القول ملازماً للقول بالتصويب لثبوت الحكم المشترك بين العالم والجاهل ، كما ليس القول بالإجزاء مضاداً للقول باعتبار الأمارة من باب الكاشفية ، لأنّ الكاشفية الغالبية لاتزاحم القول بالاجزاء ، وانّما تزاحمه إذا كان الملاك هو الكاشفية الدائمية.
ثمّ إنّ سيد مشايخنا المحقّق البروجردي قدسسره ممّن تفرّد بين معاصريه في القول بالإجزاء عند تخلّف الأمارة ، واستدلّ على ما رامه بما هذا حاصله : انّ دليل حجّية الأمارة حاكم على دليل الشرائط والاجزاء والموانع ـ فيما إذا كانت الشبهة موضوعية ـ فإذا قال الشارع : صلّ في طاهر ، كان المتبادر من لفظ « طاهر » هو الطهارة الواقعية ، وكان الشرط ـ لولا الدليل الحاكم ـ لصحّة الصلاة هو الطهارة الواقعية ، ولكن لما جعل الشارع قول الثقة حجّة وأخبر هو عن طهارة الثوب المعيّن تصير نتيجة الجمع بين الدليلين هو توسعة المأمور به ـ الصلاة في الثوب الطاهر ـ وانّه تجوز الصلاة في ثوب طاهر واقعاً أو محكوم بالطهارة ظاهراً ، فلو صلّى مع ثوب هذا شأنه ، فقد حازت صلاته شرط الصلاة واقعاً ، لأنّ الشرط واقعاً أعمّ من الواقعي والظاهري ، وتخلّف الأمارة يوجب ارتفاع الشرط من حين التخلّف. (١)
يلاحظ عليه : أنّ ما ذكره صحيح في أدلة الأُصول العملية كقاعدتي الطهارة والحلية اللتين للشارع دور تأسيسي في حجيّتهما.
__________________
١ ـ نهاية الأُصول : ١ / ١٢٩.