فإذا قال الشارع صلّ في طاهر ، ثمّ قال : « كلّ شيء طاهر حتّى تعلم أنّه قذر » ، فاقتران الثاني بالأوّل يوجب حكومته عليه ، بمعنى أنّ الشرط للصلاة واقعاً هو الطهارة الأعم من الواقعية والظاهرية ، وأمّا أدلّة حجّية الأمارات فليس للشارع هناك دور لا تأسيساً ولا إمضاءً ، بل غاية الأمر هو عدم الردع ، ومن المعلوم أنّ الحكومة تقوم باللفظ ، والمفروض سكوت الشارع في مقابل عمل العقلاء بقول الثقة ، وكون سكوته كاشفاً عن الرضا ، فما هذا حاله كيف يكون حاكماً على دليل الشرائط والاجزاء؟! مع أنّه لم يرد منه في مورد حجّيتها دليل لفظي ، وسيوافيك عند البحث في حجّية خبر الواحد أنّ ما استدل به القوم على الحجّية ناظر إلى بيان الصغرى لا إلى الكبرى ، وكأنّ الكبرى كانت عندهم أمراً مسلماً وإنّما حاولوا إحراز الصغرى وانّ فلاناً هل هو ثقة أو لا ، وفي مثل هذا المورد الذي ليس هناك دليل لفظي حول الحجّية كيف يمكن استظهار الحكومة التي هي قائمة باللفظ؟
والأولى التمسّك بما ذكرنا من الملازمة في دائرة المولوية والعبودية بين صحّة العمل بقول الثقة والاكتفاء في مجال الطاعة على ما أدّت إليه الأمارة.
وربّما يفصل بين ما إذا انكشف الخلاف بعلم وجداني فلا يجزي ، أو بحجّة معتبرة فيجزي ، لأنّ الحجّة اللاحقة كالسابقة ، فكما يحتمل أن تكون الحجّة اللاحقة مطابقة للواقع كذلك يحتمل أن تكون الحجّة السابقة مطابقة للواقع وإن كان الواجب على من قامت عنده الحجّة الثانية العمل على مفادها.
يلاحظ عليه : أنّه لو أغمضنا النظر عن الملازمة العرفية ، فالحقّ هو عدم الإجزاء في كلتا الصورتين ، لأنّ الاشتغال اليقيني يقتضي البراءة اليقينية ، والمفروض