في كلتا الصورتين عدم تحصيل البراءة اليقينية فيهما ، فالعلم السابق بالتكليف كاف في عدم الإجزاء حتى يعلم الخروج عنه ، إمّا بعلم قطعي أو بحجّة شرعية ، فالعلم غير موجود والحجّة الشرعية الأُولى متعارضة مع الحجّة الشرعية الثانية.
وقد فصّل صاحب المحاضرات بين الطريقية والسببية ، وأنّ الحقّ على الأولى هو عدم الإجزاء ، لأنّ ما أُتي به ليس بمأمور به ، والمأمور به ليس بمأتي به. والمفروض أنّ الصحّة إنّما تنتزع من مطابقة المأتي به للمأمور به في الخارج ، الموجبة لسقوط الإعادة في الوقت ، والقضاء في خارجه ، كما أنّ الفساد ينتزع من عدم مطابقة المأتي به للمأمور به. (١)
يلاحظ عليه : بمنع عدم مطابقة المأتي به للمأمور به ، فانّ الملازمة العرفية تكشف عن انسحاب الوجوب عن الجزء أو الشرط الذي قام الدليل الاجتهادي على عدم وجوبه فعلاً ، فيكون الواجب الفعلي في حقّه ما أتى به ، فيكون المأتي به مأموراً به.
بقي الكلام في الإجزاء على القول بحجّيتها من باب السببية فقبل الخوض في المقصود نذكر أقسام السببية.
إنّ للسببية تفاسير ثلاثة :
الأوّل : ما ينسب إلى الأشاعرة ، وهو إنكار الحكم المشترك بين العالم والجاهل ، وانّ أحكامه سبحانه تابعة لآراء المجتهدين أو الأمارات والأُصول
__________________
١ ـ المحاضرات : ٢ / ٢٦٠.