ثمّ إنّ المحقّق النائيني أجاب عن الإشكال بوجه آخر ، وقال :
إنّ امتناع الشرط المتأخّر من القضايا التي قياساتها معها ولا تحتاج إلى برهان ، بل يكفي في امتناعه نفس تصوّره ، فانّ حال الشرعيات حال العقليات التي تقدّم امتناع تأخّر العلّة فيها أو جزئها أو شرطها ممّا له دخل في تحقّق المعلول ، عن معلولها.
ثمّ قال : وأمّا توهّم انّ امتناع الشرط المتأخّر إنّما يكون في التكوينيات دون الاعتباريات والشرعيات التي أمرها بيد المعتبر والشارع ، حيث إنّ له أن يعتبر كون الشيء المتأخّر شرطاً لأمر متقدّم ، ففساده أيضاً غني عن البيان ، لأنّه ليس المراد من الاعتبار مجرّد لقلقة اللسان ، بل للاعتباريات واقع ، غايته أنّ واقعها عين اعتبارها ، وبعد اعتبار شيء شرطاً لشيء وأخذه مفروض الوجود في ترتب الحكم عليه كما هو الشأن في كلّ شرط ، كيف يمكن تقدّم الحكم على شرطه؟ وهل هذا إلاّ خلاف ما اعتبره؟!
وبالجملة : بعد فرض اعتبار شيء موضوعاً للحكم لا يمكن أن يتخلّف ويتقدّم ذلك الحكم على موضوعه ، فظهر فساد ما ذكر من الوجوه لجواز الشرط المتأخر.
وأحسن ما قيل في المقام من الوجوه : هو أنّ الشرط عنوان التعقب والوصف الانتزاعي ، وقد تقدّم عدم توقّف انتزاع وصف التعقب على وجود المتأخّر في موطن الانتزاع ، بل يكفي في الانتزاع وجود الشيء في موطنه ، فيكون الشرط في باب الفضولي هو وصف التعقّب ، وانّ السبب للنقل والانتقال هو