قلت : لا شكّ أنّ الإرادة فعلية ولكن إرادة المولى لا تتعلق بفعل الغير لما عرفت من امتناع تعلّق الإرادة بفعل الغير ، لأنّ فعل الغير خارج عن اختيار المريد فكيف تتعلّق به الإرادة ، بل متعلّق بفعل المريد وهو ليس إلاّ « إنشاء الحكم فالإرادة فعلية ، لفعلية متعلّقه وهو إنشاء الحكم » ولكنّه لا ينافي أن يكون الحكم غير فعلي ، لأنّه يكفي في فعلية الإرادة ، هو فعلية نفس الإنشاء ، لا فعلية متعلّقه.
وبعبارة أُخرى : الإرادة فعلية وما تعلّقت به الإرادة ، أعني : إنشاء البعث أيضاً فعلي ، لأنّ المفروض أنّ المولى انشأ البعث لكن إنشاء البعث لا يلازم كون البعث فعلياً ، لأنّ المفروض تعلّق البعث المنشأ على تحصيل شيء على تعدّيه.
ربّما يقال بانّه إذا كان الوجوب انشائياً غير فعلي فما فائدة هذا الإنشاء؟
هذا هو الذي ذكره صاحب الكفاية بصورة السؤال والجواب ، فقال :
فإن قلت : فما فائدة الإنشاء إذا لم يكن المنشأ به طلباً فعلياً وبعثاً حالياً؟
فأجاب عنه بقوله : كفى فائدة له أنّه يصير بعثاً فعلياً بعد حصول الشرط بلا حاجة إلى خطاب آخر بحيث لولاه لما كان حينذاك متمكّناً من الخطاب ، هذا مع شمول الخطاب كذلك للإيجاب فعلاً بالنسبة إلى الواجد للشرط فيكون بعثاً فعلياً بالإضافة إليه وتقديرياً بالنسبة إلى الفاقد له.
وأورد عليه المحقّق العراقي : بأنّ إنشاء التكليف من المقدّمات التي يتوصّل بها المولى إلى تحصيل المكلّف به في الخارج ، والواجب المشروط على مبنى المشهور ليس بمراد المولى قبل تحقّق شرطه في الخارج ، فكيف يتصوّر أن يتوصّل