السادس : ما ذكره المحقّق النائيني في كلام مفصّل كما جاء في تقريراته ويتألف كلامه من أُمور ثلاثة :
إنّ الأحكام الشرعية موضوعة على نهج القضايا الحقيقية ، وهي عبارة عن وضع الحكم على العنوان الكلي الصادق على الأفراد المتحقّقة أو المقدرة عبر الزمان على نحو يكون الإنشاء أزلياً وفعلية الحكم مشروطة بتحقّق الموضوع ، فقوله سبحانه : ( وَللّهِ عَلى النّاسِ حِجُّ البيتِ مَن استطاعَ إِليهِ سَبيلاً ) (١) ، بمنزلة قولنا : « الإنسان العاقل البالغ المستطيع يجب عليه الحجّ » فالحكم مترتب على موضوع كلي لا تنحصر مصاديقه بالموجودين وقت التشريع بل يشمل مصاديقه عبر الزمان.
فإذا كانت القيود راجعة إلى الموضوع فلا معنى لاستثناء قيد الزمان فهو أيضاً راجع إلى الموضوع كسائر الشروط ، فكأنّه يقول : الإنسان البالغ العاقل المستطيع المدرك لزمان الحج يجب عليه الحجّ ، ومن المعلوم أنّ كلّ حكم مشروط بوجود الموضوع فيكون الموضوع بعامّة شروطه قيداً للحكم أي الوجوب ، من غير فرق بين الاستطاعة والزمان ، فكما أنّه لولا الاستطاعة لا وجوب فهكذا لولا الزمان لا بعث فعلي.
__________________
١ ـ آل عمران : ٩٧.