وبذلك يعلم عدم تمامية ما أفاده المحقّق الخراساني من تصوير أنّ وجوب المقدّمة معلول لوجوب ذيها ، ولذلك يكشف وجوبها آناً عن وجوب ذيها حيث قال : إنّ وجوب المقدّمة إنّما يكشف بطريق الإنّ عن سبق وجوب ذيها ، لو كان وجوبها ناشئاً عن وجوبه ، وإرادتها ناشئة من إرادته.
ولكنّك عرفت خلافه ، وإنّ وجوب ذيها أو إرادته بمنزلة العلّة الغائية التي لا يعتبر إلاّ تقدّمها ذهناً لا خارجاً ، ويكفي في المقام العلم بأنّه سوف يأمر به المولى.
وإن شئت قلت : إنّ وجوب المقدّمة إنّما يكشف عن وجوب ذيها إنّاً ، لو كان وجوبها مترشحاً من وجوبها وإرادتها مترشحة من إرادته ، وأمّا إذا كان وجوب ذيها علّة غائية لا علة فاعلية فيمكن أن يتقدّم وجوب المقدّمة على وجوب ذيها ، فالخلط حصل من تصوّر أنّ وجوب ذيها علّة فاعلية مع أنّها علّة غائية.
لقد عرفت انقسام الواجب إلى المطلق والمشروط ، والمطلق إلى المعلّق والمنجّز ، فحان البحث عن سرد تطبيقات في هذا المجال.
١. قال سبحانه : ( فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ ). (١)
قال المفسرون : المراد من شهود الشهر هو رؤية الهلال أو كون المكلّف حاضراً لا مسافراً ، والآية ظاهرة في الوجوب المعلّق حيث أوجب على الشاهد في أوّل الشهر وجوبَ صيام الشهر كلّه ، فالوجوب حالي والواجب استقبالي.
٢. قال سبحانه : ( وَلِلّهِ عَلَى النّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطاعَ إِلَيْهِ سَبيلاً ). (٢)
__________________
١ ـ البقرة : ١٨٥.
٢ ـ آل عمران : ٩٧.